الأبصار له ، كانت مفسرة لتلك الآية بأن المراد بالنظر إلى الله ، النظر العقلي أو الروحي ، لا الحسي ، أو النظر إليه من خلال النظر إلى مواقع عظمته ، فيرتفع اللبس وتتضح الصورة كأيّ لفظ تحيط به القرينة اللفظية أو العقلية على إرادة خلاف ظاهره ، ليتخذ اللفظ لنفسه ظهورا ثانويا ينسبق معناه إلى الذهن ، تماما كما هو المعنى الحقيقي (١).
وهكذا نتمثل المسألة في الآية المنسوخة الظاهرة في امتداد الحكم إلى آخر الزمان كحكم حاسم شامل لكل امتدادات الزمن ، فإذا جاءت الآية الناسخة ، كانت دليلا على إرادة الحكم المحدود من تلك الآية ، ولكن الله أخر تحديدها إلى زمن نزول الآية الأخرى ، بحيث تؤدي المقارنة بينهما إلى وضوح الدلالة ، فتتحول الآية المتشابهة في ذاتها إلى آية محكمة بلحاظ الآية المحكمة الأخرى.
* * *
معنى التشابه
وفي ضوء هذا ، نعرف أن التشابه لا يعني المجمل الذي لا يملك أيّ ظهور للفظ في المعنى ، كالألفاظ المشتركة وضعا ، أو المحاطة بقرائن مجملة توجب إجمالها ، بل المراد به اللفظ الظاهر في معنى معين في الظهور الأولي ، الذي يراد به معنى آخر ببركة القرينة الواضحة التي تمنحه ظهورا ثانويا ، بحيث لا يشك السامع أو القارئ في مدلوله الحقيقي بعد ذلك ، تماما كما هي قرينة المجاز التي تلحق الكلام فتؤدي إلى ظهوره في المعنى المجازي الجديد.
* * *
__________________
(١) انظر تفسير الميزان ، ج : ٣ ، ص : ٢٤.