أن ينهجوه ويفهموه ويعتقدوه كما أراد لهم أن يعملوه ، فلا يضيعوا في متاهات الضلال التي يتخبطون فيها في دروب الضياع (وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ) الذي يمثل القاعدة الفكرية التي تبين الفواصل بين الحق والباطل والخير والشرّ من خلال الخطوط العامة والخطوط التفصيلية ، وذلك هو شأن الكتب الإلهية المنزلة على الرسل التي أنزلها الله ليعرف الناس الحق من الباطل وليأخذوا بهذا عن بيّنة ويبتعدوا عن ذاك عن بيّنة ، من دون لبس واشتباه. وهذا هو الخط العملي للمؤمنين بالله ، المنفتحين على رسالاته ، العاملين في سبيله ، السائرين على خطه ، المجاهدين من أجل الحصول على رضوانه والفوز بجنته.
* * *
الكافرون لهم عذاب شديد
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ) الدالة على توحيده وعلى الحجج القائمة على صدق رسله واستقامة شرائعه وعلى اليوم الآخر (لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) في الدنيا والآخرة ، فقد يعذبهم الله بأموالهم وأولادهم وأوضاعهم العامة والخاصة وعلاقاتهم بالناس والحياة ، فيعيشون الحياة حزنا وألما وتعبا وكآبة ويأسا ومرضا يمنعهم من الأخذ بطيبات الحياة ـ وهي بين أيديهم ـ ومن الحصول على مواقعهم الكبرى ـ وهي في متناولهم ـ كما قال تعالى : (وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ) [التوبة : ٨٥] ، وهناك في الآخرة العذاب الأكبر في نار جهنم التي يصلاها الأشقى الذي لا يموت فيها ولا يحيى (وَاللهُ عَزِيزٌ) بقدرته على كل شيء والتي لا يمتنع منها شيء ولا يبلغ مداها شيء ، ولا يغلبها شيء ، ولذلك كانت العزة لله جميعا ، فهو الذي يعطيها لمن يشاء من عباده ويمنعها من يشاء (ذُو انْتِقامٍ) من غير انفعال في الذات أو عقدة في القلب أو تشفّ ،