وليتحركوا إلى الحياة في مسئولياتهم من خلاله ، لتقوم حركة الإنسان في علاقاته ومعاملاته وكل أوضاعه وشؤونه على أساس الحق ، كما قامت السماوات والأرض ، لأن الله خلقها به.
وقد قيل في توجيه التعبير بكلمة نزّل ، بدلا من أنزل ، لأن التنزيل يدلّ على التدريج ، فأريد التنبيه على طريقة القرآن في النزول.
وذكر صاحب الميزان ـ الذي أورد هذه الملاحظة من النكتة التعبيرية ، أنه «ربما ينقض ذلك بقوله : (لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً) [الفرقان : ٣٢] ، وبقوله تعالى : (أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً) [المائدة : ١١٢] ، وقوله تعالى : (لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ) [الأنعام : ٣٧] وقوله تعالى : (قُلْ إِنَّ اللهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ) [الأنعام : ٣٧] ، ولذلك ذكر بعض المفسرين أن الأولى أن يقال : إن معنى (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ) : أنزله إنزالا بعد إنزال ، دفعا للنقض. والجواب : أن المراد بالتدريج في النزول ليس هو تخلّل زمان معتدّ به بين نزول كل جزء من أجزاء الشيء وبين جزئه الآخر ، بل الأشياء المركبة التي توجد بوجود أجزائها لوجودها نسبة إلى مجموع الأجزاء ، وبذلك يصير الشيء أمرا واحدا غير منقسم ، والتعبير عنه من هذه الجهة بالنزول كقوله تعالى : (أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً) [الرعد : ١٧] ، وهو الغيث. ونسبته من حيث وجوده بوجود أجزائه واحدا بعد واحد ، سواء تخلل بينهما زمان معتدّ به أو لم يتخلل وهو التدريج والتعبير عنه بالتنزيل كقوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ) [الشورى : ٢٨].
ومن هنا يظهر أن الآيات المذكورة للنقض غير ناقضة ، فإن المراد بقوله : (لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً) الآية ، أن ينزّل عليه القرآن آية بعد آية في زمان متصل واحد من غير تخلل زمان معتدّ به ، كما كان عليه الأمر في نزول القرآن في الشؤون والحوادث والأوقات المختلفة ، وبذلك يظهر