يشتملان عليه من مفاهيم وتشريعات. ولا يمنع الحكم بصدقها ، أن تكون هناك بعض التحريفات التي طرأت عليهما في بعض الحقائق الدينية كالبشارة بنبوّة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم في ما حدثنا القرآن عنه. وأنزل الفرقان ، وهو القرآن الذي يفرق بين الحق والباطل. وهكذا كانت حركة الهدى في الكتب السماوية متلاحقة الخطى في كل جيل ومع كل رسول ، ليظل النور مشرقا في قلب الإنسان في كل زمان ومكان.
وإذا كان الله قد أنزل هذه الكتب بالحق والصدق والهدى ، فلا بد للناس من الإيمان بما فيها والسير على هداها ، لأنها الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، فكيف يمكن أن يجحدها الجاحدون ، ويكفر بها الكافرون ... إنه العناد والتمرد من دون أساس ، مما يجعل الكافرين مستحقين للعذاب الشديد على ما كفروا وجحدوا ... (وَاللهُ عَزِيزٌ) لا ينال أحد من عزته بمعصية أو بغيرها ، (ذُو انْتِقامٍ) ، لا بمعنى الحالة النفسية التي يعيشها البشر أمام عصيان الآخرين ، بل بمعنى العذاب الذي يكون مظهرا للانتقام ، فإنه سبحانه أعلى من أن يضعف أمام حالات الضعف ، تعالى وتقدس عن كل صفات المخلوقين ... فلا بد للعباد من أن يراقبوه ويخضعوا له ، فهو الذي يعلم سرّهم وعلانيتهم ولا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ، وهو الذي يصوركم في الأرحام فيخلق لكم السمع والأبصار والأفئدة وأنتم في بطون أمهاتكم ، ويجعل لكل واحد منكم لونه وخصائص شخصيته ، فكيف تنكرونه وتعصونه وتشركون به ما ليس لكم به علم ، وهو العزيز الحكيم الذي قدّر كل شيء على أساس الحكمة التي تضع كل شيء في موضعه ، وتقوده إلى هداه.
في هذه البداية التي تختصر للإنسان رحلة الرسالات في الكتب التي أنزلها الله على عباده ، وتثير في ذاته التصور الشامل لقدرة الله وعظمته ونعمته ، وتقوده إلى مواجهة المسؤولية تحت طائلة العذاب الشديد ... في