الآخرين ، فلا يبتعدوا عن خط المواجهة الفكرية بالحوار الموضوعي القوي ولا ينعزلوا عن ساحات التحدي ، لأن الله يريد للعلماء أن يدخلوا المعركة من أوسع أبوابها ليلاحقوا كل التيارات المضادة للإسلام بالحجة البالغة لأن ذلك هو سبيل القوة للحق.
* * *
تتابع حركة الرسالات وتكاملها
في بداية هذه السورة ، يعيش الإنسان الشعور العميق بالحضور المهيمن لله على كل شيء ، فهو الحيّ القائم على الحياة في كل حركاتها وسكناتها وحاضرها ومستقبلها ، لا يغيب عنه شيء منها ، لأنه مفتقر إليه في وجوده حدوثا وبقاء ، ولا يهرب منه شيء ، لأنه يحيط به من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وشماله. وهو الله الذي تمثّلت رحمته وربوبيته التي يربي بها عبده ، في إنزال الكتاب الحق على عبده ورسوله محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، من أجل أن يظل الحق هو خط الحياة في فكرها وأسلوبها وخطواتها العمليّة ، وأن ينطلق الإنسان من خلاله ليصوغ نفسه على صورته.
ولم تكن هذه الرسالة التي أنزلها الله على عبده منفصلة عن حركة الرسالات وتواريخها ، فلم تأت لتبطل صدقها ورساليّتها ، بل جاءت لتصدّقها ، لأنها الحقّ الذي أوحى به الله إلى رسله السابقين ، ولتكمّلها في ما اقتضت سنة الله في الحياة تغييره وتبديله إلى شريعة أخرى تتناسب ومصلحة الإنسان المتجددة المتطوّرة آنذاك. ولم يترك الله القضية في طور الإبهام ، فأوضحها بإعطاء هذه الكتب اسمها الذي نزلت به ، فقد أنزل الله التوراة على موسى والإنجيل على عيسى ، من قبل محمد ، ليكونا هدى للناس في ما