بالرسالة فآمنوا بها ، ولذلك انطلق كل واحد منهم ليعيش إيمانه التفصيلي بكل مفردات الإيمان الرسالي. (كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ) لأن الله حدّثهم عن ذلك كله من خلال الوحي الذي أنزله على رسوله ليبلغهم إياه ، ولأن الرسول قد حدثهم عن كل حركة الأنبياء ، ولهذا اعتبروا الإيمان بالرسل السابقين جزءا من الإيمان برسالة الرسول ، لأن الرسالات تتتابع في المسيرة الإيمانية ، فكل رسالة تكمل الرسالة التي قبلها ، كما أن كل رسول يصدّق النبي الذي يأتي من بعده ، وهكذا أعلنوا جميعا (لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) فهم الذين اصطفاهم الله لإبلاغ رسالاته مع اختلاف مواقعهم ورسالاتهم (وَقالُوا سَمِعْنا) ما جاء به الرسول مما بلّغه عن الله (وَأَطَعْنا) أوامره ، لأن الإيمان يفرض على المؤمنين الاستماع الواعي والطاعة العميقة الواسعة ، (غُفْرانَكَ رَبَّنا) اغفر لنا ذنوبنا فإننا راجعون إليك ، منفتحون عليك في رجاء شديد أن تتقبلنا في ساحة رضوانك (وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) فأنت الذي تملك أمر عبادك لتجزيهم جزاء ما عملوا أو لتغفر لهم ما أسلفوا ، فيكون مصيرهم بيدك عند ما تدفع بهم إلى الجنة أو إلى النار.
* * *
الاستغفار من الذنب
(لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) لأنه الرحمن الرحيم ، فلا يأمر عباده إلا بما يستطيعون الإتيان به ، ولا ينهاهم عن شيء إلا إذا استطاعوا تركه ، (لَها ما كَسَبَتْ) من الطاعات التي قامت بها بجهدها الواعي (وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ) من السيئات التي اندفعت فيها من خلال ضغط الغرائز في خط الانحراف مما يجعلها تواقع معصية الله من دون وعي للنتائج القاسية التي