التي لا مجال فيها للكتابة أو الشهادة ، كما في الغالب من حالات السفر في المجتمع الذي يقل فيه الأشخاص الذين يتقنون القراءة والكتابة. ومن ذلك نفهم أن الرهن ليس مخصوصا بهذه الحالة ، بل هي نموذج للحالات التي يطلب فيها الوثيقة على الدين بالرهن ، مما قد يمكن فيه الكتابة والإشهاد ، ولكن الدائن لا يريد أن يدخل في الأوضاع التي تقتضيها الدعاوي في إقامة البينات ، بل يحاول أن يستوثق لنفسه بالأشياء المادية التي تحت يده ، فيمكنه استيفاء دينه منه عند امتناع المدين عن وفاء الدين ... وهناك أبحاث تفصيلية في أحكام الدين والرهن تطلب من كتب الفقه ، فليراجعها من يشاء.
(فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ) الظاهر أنّها واردة في الدّين الذي لا يشعر الدائن فيه بالقلق على ماله ، ولا يخاف عليه من الجحود والنكران لثقته بالمدين ، وفي هذه الحال لا بأس بأن يترك الإنسان الكتابة والإشهاد إن شاء ذلك ، فإن الله لا يريد أن يغلق على عباده باب الثقة الشخصية المتبادلة ... ثم يتوجّه إلى هذا الإنسان الذي حصل على الثقة من صاحبه واؤتمن على الدّين أن يحافظ على هذه الثقة ويردّ على صاحبه دينه ، فيحفظ الأمانة ويصون العهد ، لتبقى للعلاقات الإنسانية الحميمة حيويّتها وقوّتها وامتدادها العملي في العلاقات الإنسانية ، فإن الأمانة تعطي ذلك بعدا واقعيا ملحوظا ، بينما يكون العكس موجبا للانطباع بمثالية ذلك في هذا المجال ، بعيدا عن الضوابط المادية للأشياء.
* * *
التقوى ... في إظهار الحق
وقد ربط الله ذلك بالتقوى ، للتأكيد على أن التقوى تنطلق في خط الأوضاع المادية للإنسان ، كما تنطلق في أجواء العلاقات الروحية ، وذلك في قوله تعالى : (وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ). وفي ضوء هذا ، لا بد من حركة التربية