(وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (١٧) وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ (١٨) وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (١٩) حَتَّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) (٢٠)
____________________________________
بردها من الصر وهو البرد الذى يصر أى يجمع ويقبض أو عاصفة تصوت فى هبوبها من الصرير (فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ) جمع نحسة من نحس نحسا نقيض سعد سعدا وقرىء بالسكون على التخفيف أو على أنه نعت على فعل أو وصف بمصدر مبالغة قيل كن آخر شوال من الأربعاء إلى الأربعاء وما عذب قوم إلا فى يوم الأربعاء (لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) وقرىء لتذيقهم على إسناد الإذاقة إلى الريح أو إلى الأيام وأضيف العذاب إلى الخزى الذى هو الذل والاستكانة على أنه وصف له كما يعرب عنه قوله تعالى (وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى) وهو فى الحقيقة وصف للمعذب وقد وصف به العذاب للمبالغة (وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ) بدفع العذاب عنهم بوجه من الوجوه (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ) فدللناهم على الحق بنصب الآيات التكوينية وإرسال الرسل وإنزال الآيات التشريعية وأزحنا عللهم بالكلية وقد مر تحقيق معنى الهدى فى تفسير قوله تعالى (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) وقرىء ثمود بالنصب بفعل يفسره ما بعده ومنونا فى الحالين وبضم الثاء (فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى) أى اختاروا الضلالة على الهداية (فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ) داهية العذاب وقارعة العذاب والهون الهوان وصف به العذاب مبالغة أو أبدل منه (بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) من اختيار الضلالة (وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ) من تلك الصاعقة (وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللهِ) شروع فى بيان عقوباتهم الآجلة إثر بيان عقوباتهم العاجلة والتعبير عنهم بأعداء الله تعالى لذمهم والإيذان بعلة ما يحيق بهم من الوان العذاب وقيل المراد بهم الكفار من الأولين والآخرين ويرده ما سيأتى من قوله تعالى (فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) وقرىء يحشر على بناء الفاعل ونصب أعداء الله وبنون العظمة وضم الشين وكسرها (إِلَى النَّارِ) أى إلى* موقف الحساب إذ هناك تتحقق الشهادة الآتية لا بعد تمام السؤال والجواب وسوقهم إلى النار والتعبير عنه بالنار إما للإيذان بأنها عاقبة حشرهم وأنهم على شرف دخولها وإما لأن حسابهم يكون على شفيرها ويوم اما منصوب باذكر أو ظرف لمضمر مؤخر قد حذف ايهاما لقصور العبارة عن تفصيله كما مر فى قوله تعالى (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ) وقيل ظرف لما يدل عليه قوله تعالى (فَهُمْ يُوزَعُونَ) أى يحبس* أولهم على آخرهم ليتلاحقوا وهو عبارة عن كثرتهم وقيل يساقون ويدفعون إلى النار وقوله تعالى (حَتَّى