(أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكادُ يُبِينُ (٥٢) فَلَوْ لا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (٥٣) فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ (٥٤) فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ (٥٥) فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ) (٥٦)
____________________________________
* أو بمناديه (فِي قَوْمِهِ) فى مجمعهم وفيما بينهم بعد أن كشف العذاب عنهم مخافة أن يؤمنوا (قالَ يا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ) أنهار النيل ومعظمها أربعة أنهر الملك ونهر طولون ونهر دمياط* ونهر تنيس (تَجْرِي مِنْ تَحْتِي) أى من تحت قصرى أو أمرى وقيل من تحت سريرى لارتفاعه وقيل بين يدى فى جنانى وبساتينى والواو إما عاطفة لهذه الأنهار على ملك مصر فتجرى حال منها أو للحال فهذه مبتدأ والأنهار صفتها وتجرى خبر للمبتدأ (أَفَلا تُبْصِرُونَ) ذلك يريد به استعظام ملكه (أَمْ أَنَا خَيْرٌ) مع هذه المملكة والبسطة (مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ) ضعيف حقير من المهابة وهى القلة (وَلا يَكادُ يُبِينُ) أى الكلام قاله افتراء عليه عليهالسلام وتنقيصاله عليهالسلام فى أعين الناس باعتبار ما كان فى لسانه عليهالسلام من نوع رتة وقد كانت ذهبت عنه لقوله تعالى (قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ) وأم إما منقطعة والهمزة للتقرير كأنه قال إثر ما عدد أسباب فضله ومبادى خيريته أثبت عندكم واستقر لديكم أنى أنا خير وهذه حالى من هذا الخ وإما متصلة فالمعنى أفلا تبصرون أم تبصرون خلا أنه وضع قوله (أَنَا خَيْرٌ) موضع (تُبْصِرُونَ) لأنهم إذا قالوا له أنت خير فهم عنده بصراء وهذا من باب تنزيل السبب منزلة المسبب ويجوز أن يجعل من تنزيل المسبب منزلة السبب فإن أبصارهم لما ذكر من أسباب فضله سبب على زعمه لحكمهم بخيريته (فَلَوْ لا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ) أى فهلا ألقى إليه مقاليد الملك إن كان صادقا لما أنهم كانوا إذا سودوا رجلا سوروه وطوقوه بطوق من ذهب وأسورة جمع سوار وقرىء أساور جمع أسورة وقرىء أساورة جمع أسوار بمعنى السوار على تعويض التاء من ياء أساوير* وقد قرىء كذلك وقرىء ألقى عليه أسورة وأساور على البناء للفاعل وهو الله تعالى (أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ) مقرونين يعينونه أو يصدقونه من قرنته به فاقترن أو متقارنين من اقترن بمعنى تقارن (فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ) فاستفزهم وطلب منهم الخفة فى مطاوعته أو فاستخف أحلامهم (فَأَطاعُوهُ) فيما أمرهم به (إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ) فلذلك سارعوا إلى طاعة ذلك الفاسق الغوى (فَلَمَّا آسَفُونا) أى* أغصبونا أشد الغضب منقول من أسف إذا اشتد غضبه (انْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ) فى اليم (فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً) قدوة لمن بعدهم من الكفار يسلكون مسلكهم فى استيجاب مثل ما حل بهم من العذاب وهو إما مصدر نعت به أو جمع سالف كخدم جمع خادم وقرىء بضم السين واللام على أنه جمع سليف أى فريق قد سلف كرغف أو سالف كصبر أو سلف كأسد وقرىء سلفا بإبدال ضمة اللام