(وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (٢٧) وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (٢٨) وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ) (٢٩)
____________________________________
نجاب قال لأنه دعاكم ولم تجيبوه ثم قرأ والله يدعو إلى دار السلام (وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) على ما سألوا واستحقوا بموجب الوعد (وَالْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) بدل ما للمؤمنين من الثواب والفضل المزيد (وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ) لتكبروا وأفسدوا فيها بطرا أو لعلا بعضهم على بعض بالاستيلاء والاستعلاء كما عليه الجبلة البشرية وأصل البغى طلب تجاوز الاقتصاد فيما يتحرى* من حيث الكمية أو الكيفية (وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ) أى بتقدير (ما يَشاءُ) أن ينزله مما تقتضيه مشيئته* (إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ) محيط بخفايا أمورهم وجلاياها فيقدر لكل واحد منهم فى كل وقت من أوقاتهم ما يليق بشأنهم فيفقر ويغنى ويمنع ويعطى ويقبض ويبسط حسبما تقتضيه الحكمة الربانية ولو أغناهم جميعا لبغوا ولو أفقرهم لهلكوا وروى أن أهل الصفة تمنوا الغنى فنزلت وقيل نزلت فى العرب كانوا إذا أخصبوا تحاربوا وإذا أجدبوا انتجعوا (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ) أى المطر الذى يغيثهم من الجدب ولذلك خص بالنافع منه وقرىء ينزل من الإنزال (مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا) يئسوا منه وتقييد تنزيله بذلك مع تحققه بدونه أيضا لتذكر كمال النعمة وقرىء بكسر النون (وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ) أى بركات الغيث ومنافعه فى كل شىء من السهل والجبل والنبات والحيوان أو رحمته الواسعة المنتظمة لما ذكر انتظاما أوليا (وَهُوَ الْوَلِيُّ) الذى يتولى عباده بالإحسان ونشر الرحمة (الْحَمِيدُ) المستحق للحمد على ذلك لا غيره (وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) على ما هما عليه من تعاجيب الصنائع فإنها بذاتها وصفاتها تدل على شئونه العظيمة (وَما بَثَّ فِيهِما) عطف على السموات أو الخلق (مِنْ دابَّةٍ) من حى على إطلاق اسم المسبب على السبب أو مما يدب على الأرض فإن ما يختص بأحد الشيئين المتجاورين يصح نسبته إليهما كما فى قوله تعالى (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) وإنما يخرج من الملح وقد جوز أن يكون للملائكة عليهمالسلام مشى مع الطيران فيوصفوا بالدبيب وأن يخلق الله فى السماء حيوانا يمشون فيها مشى الأناسى على الأرض كما ينبىء عنه قوله تعالى (وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ) وقد روى أن النبى صلىاللهعليهوسلم قال فوق السماء السابعة بحر بين أسفله وأعلاه كما بين السماء والأرض ثم فوق ذلك ثمانية أو عال بين ركبهن وأظلافهن كما بين السماء والأرض ثم فوق ذلك العرش العظيم (وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ) أى حشرهم بعد البعث للمحاسبة وقوله تعالى (إِذا يَشاءُ) متعلق بما قبله لا بقوله تعالى