(وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ (٢٥) وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) (٢٦)
____________________________________
عنه ومن ضرورته منعه عنه قطعا فكأنه قيل لو كان افتراء عليه تعالى لشاء عدم صدوره عنك وإن يشأ ذلك يختم على قلبك بحيث لم يخطر ببالك معنى من معانيه ولم تنطق بحرف من حروفه وحيث لم يكن الأمر كذلك بل تواتر الوحى حينا فحينا تبين أنه من عند الله تعالى هذا وقيل المعنى إن يشأ يجعلك من المختوم على قلوبهم فإنه لا يجترىء على الافتراء عليه تعالى إلا من كان كذلك ومؤداه استبعاد الافتراء من مثله عليهالسلام وأنه فى البعد مثل الشرك بالله والدخول فى جملة المختوم على قلوبهم وعن قتادة يختم على قلبك ينسك القرآن ويقطع عنك الوحى يعنى لو افترى على الله الكذب لفعل به ذلك وهذا معنى ما قيل لو كذب على الله لأنساه القرآن وقيل يختم على قلبك يربط عليه بالصبر حتى لا يشق عليك أذاهم (وَيَمْحُ اللهُ الْباطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ) استئناف مقرر لنفى الافتراء غير معطوف على يختم كما ينبىء عنه إظهار الاسم الجليل وسقوط الواو كما فى بعض المصاحف لاتباع اللفظ كما فى قوله تعالى (وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ) أى ومن عادته تعالى أنه يمحو الباطل ويثبت الحق بوحيه أو بقضائه كقوله تعالى (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ) فلو كان افتراء كما زعموا لمحقه ودمغه أو عدة لرسول الله صلىاللهعليهوسلم بأنه تعالى يمحو الباطل الذى هم عليه من البهت والتكذيب ويثبت الحق الذى هو عليه بالقرآن أو بقضائه الذى لا مرد له بنصرته عليهم (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) فيجرى عليها أحكامها اللائقة بها من المحو والإثبات (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ) التوبة هى الرجوع عن المعاصى بالندم عليها والعزم على أن لا يعاودها أبدا وروى جابر رضى الله عنه أن أعرابيا دخل مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقال اللهم إنى استغفرك وأتوب إليك وكبر فلما فرغ من صلاته قال له على رضى الله عنه يا هذا إن سرعة اللسان بالاستغفار توبة الكذابين وتوبتك هذه تحتاج إلى التوبة فقال يا أمير المؤمنين وما التوبة قال اسم يقع على ستة معان على الماضى من الذنوب الندامة ولتضييع الفرائض الإعادة ورد المظالم وإذابة النفس فى الطاعة كما ربيتها فى المعصية وإذاقتها مرارة الطاعة كما أذقتها حلاوة المعصية والبكاء بدل كل ضحك ضحكته (وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ) صغيرها* وكبيرها لمن يشاء (وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ) كائنا ما كان من خير وشر فيجازى ويتجاوز حسبما تقتضيه مشيئته المبنية على الحكم والمصالح وقرىء ما تفعلون بالتاء (وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) أى يستجيب الله لهم فحذف اللام كما فى قوله تعالى (وَإِذا كالُوهُمْ) أى كالوا لهم والمراد إجابة دعوتهم والإثابة على طاعتهم فإنها كدعاء وطلب لما يترتب عليها ومنه قوله صلىاللهعليهوسلم أفضل الدعاء الحمد لله أو يستجيبون الله بالطاعة إذا دعاهم إليها وعن إبراهيم بن أدهم أنه قيل له ما بالنا ندعو فلا