(وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ (٣٠) وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (٣١) وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ(٣٢) إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٣٣) أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ (٣٤) وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ) (٣٥)
____________________________________
(قَدِيرٌ) فإن المقيد بالمشيئة جمعه تعالى لا قدرته وإذا عند كونها بمعنى الوقت كما تدخل الماضى تدخل المضارع (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ) أى مصيبة كانت (فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) أى فهى معاصيكم التى اكتسبتموها والفاء لأن ما شرطية أو متضمنة لمعنى الشرط وقرىء بدونها اكتفاء بما فى الباء من معنى السببية (وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) من الذنوب فلا يعاقب عليها والآية مخصوصة بالمجرمين فإن ما أصاب غيرهم لأسباب أخرى منها تعريضه للثواب بالصبر عليه (وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ) فائتين ما قضى عليكم من المصائب وإن هربتم من أقطارها كل مهرب (وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ) يحميكم منها (وَلا نَصِيرٍ) يدفعها عنكم (وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ) السفن الجارية (فِي الْبَحْرِ) وقرىء الجوارى (كَالْأَعْلامِ) أى كالجبال على الإطلاق لا التى عليها النار للاهتداء خاصة (إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ) التى تجريها وقرىء الرياح (فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ) فيبقين ثوابت على ظهر البحر أى غير جاريات لا غير متحركات أصلا (إِنَّ فِي ذلِكَ) الذى ذكر من السفن اللاتى يجرين تارة ويركدن أخرى على حسب مشيئته تعالى (لَآياتٍ) عظيمة فى أنفسها كثيرة فى العدد دالة على ما ذكر من شئونه تعالى (لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) لكل من حبس نفسه عن التوجه إلى ما لا ينبغى ووكل همته بالنظر فى آيات الله تعالى والتفكر فى آلائه أو لكل مؤمن كامل فإن الإيمان نصفه صبر ونصفه شكر (أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا) عطف على يسكن والمعنى إن يشأ يسكن الريح فيركدن أو يرسلها فيغرقن بعصفها وإيقاع الإيباق عليهن مع أنه حال أهلهن للمبالغة والتهويل وإجراء حكمه على العفو فى قوله تعالى (وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ) لما أن المعنى أو يرسلها فيوبق ناسا وينج آخرين بطريق العفو عنهم وقرىء ويعفو على الاستئناف (وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا) عطف على علة مقدرة مثل لينتقم منهم وليعلم الخ كما فى قوله تعالى (وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ) وقوله (وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) ونظائرهما وقرىء بالرفع على الاستئناف وبالجزم عطفا على يعف فيكون المعنى وإن يشأ يجمع بين إهلاك قوم وإنجاء قوم وتحذير قوم (ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ) أى من مهرب من العذاب والجملة معلق عنها الفعل.