(ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (٢٣) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللهُ الْباطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) (٢٤)
____________________________________
* (الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ) مستقرون فى أطيب بقاعها وأنزهها (لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ) أى ما يشتهونه من فنون المستلذات حاصل لهم عند ربهم ظرف للاستقرار العامل فى لهم وقيل ظرف ليشاءون (ذلِكَ) إشارة إلى ما ذكر من حال المؤمنين وما فيه من معنى البعد للإيذان ببعد منزلة المشار إليه (هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) الذى لا يقادر قدره ولا يبلغ غايته (ذلِكَ) الفضل الكبير هو (الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ) أى يبشرهم به فحذف الجار ثم العائد إلى الموصول كما فى قوله تعالى (أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً) أو ذلك التبشير الذى يبشره الله تعالى عباده (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) وقرىء يبشر من أبشر (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ) روى أنه اجتمع المشركون فى مجمع لهم فقال بعضهم لبعض أترون أن محمدا يسأل على ما يتعاطاه أجرا فنزلت أى لا أطلب منكم على ما أنا عليه من التبليغ* والبشارة (أَجْراً) نفعا (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) أى إلا أن تودونى لقرابتى منكم أو تودوا أهل قرابتى وقيل الاستثناء منقطع والمعنى لا أسألكم أجرا قط ولكن أسألكم المودة وفى القربى حال منها أى إلا المودة ثابتة فى القربى متمكنة فى أهلها أو فى حق القرابة والقربى مصدر كالزلفى بمعنى القرابة روى أنها لما نزلت قيل يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم قال على وفاطمة وابناعما وعن النبى صلىاللهعليهوسلم حرمت الجنة على من ظلم أهل بيتى وآذانى فى عترتى ومن اصطنع صنيعة إلى أحد من ولد عبد المطلب ولم يجازه فأنا أجازيه عليها غدا إذا لقينى يوم القيامة وقيل القربى التقرب إلى الله أى إلا أن تودوا الله ورسوله فى تقربكم إليه بالطاعة والعمل* الصالح وقرىء إلا مودة فى القربى (وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً) أى يكتسب أى حسنة كانت فتتناول مودة ذى القربى تناولا أوليا وعن السدى أنها المرادة وقيل نزلت فى الصديق رضى الله عنه ومودته فيهم (نَزِدْ لَهُ فِيها) أى فى الحسنة (حُسْناً) بمضاعفة الثواب وقرىء يزد أى يزد الله وقرىء حسنى (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ) لمن أذنب (شَكُورٌ) لمن أطاع بتوفية الثواب والتفضل عليه بالزيادة (أَمْ يَقُولُونَ) بل أيقولون (افْتَرى) محمد (عَلَى اللهِ كَذِباً) بدعوى النبوة وتلاوة القرآن على أن الهمزة للإنكار التوبيخى كأنه قيل أيتمالكون أن ينسبوا مثله عليهالسلام وهو هو إلى الافتراء لا سيما الافتراء على الله* الذى هو أعظم القرى وأفحشها وقوله تعالى (فَإِنْ يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ) استشهاد على بطلان ما قالوا ببيان أنه عليهالسلام لو افترى على الله تعالى لمنعه من ذلك قطعا وتحقيقه أن دعوى كون القرآن افتراء عليه تعالى قول منهم بأنه تعالى لا يشاء صدوره عن النبى صلىاللهعليهوسلم بل يشاء عدم صدوره