(وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ (١٦) اللهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزانَ وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (١٧) يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ) (١٨)
____________________________________
أو عقابا (وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ) لا تجاوزكم آثارها لنستفيد بحسناتكم ونتضرر بسيآتكم (لا حُجَّةَ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ) لا محاجة ولا خصومة لأن الحق قد ظهر ولم يبق للمحاجة حاجة ولا للمخالفة محمل سوى المكابرة (اللهُ يَجْمَعُ بَيْنَنا) يوم القيامة (وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) فيظهر هناك حالنا وحالكم وهذا كما ترى محاجزة فى مواقف المجاوبة لا متاركة فى مواطن المحاربة حتى يصار إلى النسخ بآية القتال (وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللهِ) أى فى دينه (مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ) من بعد ما استجاب له الناس ودخلوا فيه والتعبير عن ذلك بالاستجابة باعتبار دعوتهم إليه أو من بعد ما استجاب الله لرسوله صلىاللهعليهوسلم وأيده بنصره أو من بعد ما استجاب له أهل الكتاب بأن أقروا بنبوته صلىاللهعليهوسلم واستفتحوا به قبل مبعثه صلىاللهعليهوسلم وذلك أن اليهود والنصارى كانوا يقولون للمؤمنين كتابنا قبل* كتابكم ونبينا قبل نبيكم ونحن خير منكم وأولى بالحق (حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ) زالة زائلة باطلة بل لا حجة لهم أصلا وإنما عبر عن أباطيلهم بالحجة مجاراة معهم على زعمهم الباطل (وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ) عظيم لمكابرتهم الحق بعد ظهوره (وَلَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) لا يقادر قدره (اللهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ) أى جنس الكتاب (بِالْحَقِّ) ملتبسا به فى أحكامه وأخباره أو بما يحق إنزاله من العقائد والأحكام (وَالْمِيزانَ) والشرع الذى يوزن به الحقوق ويسوى بين الناس أو نفس العدل بأن أنزل الأمر به أو آلة الوزن (وَما يُدْرِيكَ) أى أى شىء يجعلك عالما (لَعَلَّ السَّاعَةَ) التى يخبر بمجيئها الكتاب* الناطق بالحق (قَرِيبٌ) أى شىء قريب أو قريب مجيئها وقيل القريب بمعنى ذات قرب أو الساعة بمعنى البعث والمعنى أنها على جناح الإتيان فاتبع الكتاب واعمل به وواظب على العدل قبل أن يفاجئك اليوم الذى يوزن فيه الأعمال ويوفى جزاؤها (يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها) استعجال إنكار واستهزاء كانوا يقولون متى هى ليتها قامت حتى يظهر لنا الحق أهو الذى نحن عليه أم الذى* عليه محمد وأصحابه (وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها) خائفون منها مع اعتناء بها لتوقع الثواب (وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ) أى الكائن لا محالة (أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ) يجادلون فيها من المرية أو من مربت الناقة إذا مسحت ضرعها بشدة للحلب لأن كلا من المتجادلين يستخرج ما عند صاحبه بكلام* فيه شدة (لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ) عن الحق فإن البعث أشبه الغائبات بالمحسوسات فمن لم يهتد إلى تجويزه فهو عن