قلت : وا عجباه! يهدى رأس الحسين والناس يفرحون ، فمن أي باب يدخل؟ فأشاروا إلى باب ، يقال له : «باب الساعات» ، فسرت نحو الباب ، فبينما أنا هنالك ، إذ جاءت الرايات يتلو بعضها بعضا ، وإذا أنا بفارس بيده رمح منزوع السنان ، وعليه رأس من أشبه الناس وجها برسول الله صلىاللهعليهوآله ، وإذا بنسوة من ورائه على جمال بغير وطاء ، فدنوت من إحداهن ، فقلت لها : يا جارية! من أنت؟ فقالت : أنا سكينة بنت الحسين ، فقلت لها : ألك حاجة إليّ؟ فأنا سهل بن سعد ، ممن رأى جدك وسمعت حديثه ، قالت : يا سهل! قل لصاحب الرأس أن يتقدم بالرأس أمامنا حتى يشتغل الناس بالنظر إليه فلا ينظرون إلينا ، فنحن حرم رسول الله.
قال : فدنوت من صاحب الرأس ، وقلت له : هل لك أن تقضي حاجتي ، وتأخذ مني أربعمائة دينار؟ قال : وما هي؟ قلت : تقدم الرأس أمام الحرم ، ففعل ذلك ، ودفعت له ما وعدته ، ثم وضع الرأس في حقّة ، وادخل على يزيد ، فدخلت معهم ، وكان يزيد جالسا على السرير ، وعلى رأسه تاج مكلل بالدر والياقوت ، وحوله كثير من مشايخ قريش ، فدخل صاحب الرأس ودنا منه ، وقال :
أوقر ركابي فضّة أو ذهبا |
|
فقد قتلت السيد المحجبا |
قتلت أزكى الناس اما وأبا |
|
وخيرهم إذ يذكرون النسبا |
فقال له يزيد : إذا علمت أنه خير الناس لم قتلته؟ قال : رجوت الجائزة ، فأمر بضرب عنقه ، فحزّ رأسه ، ثم وضع رأس الحسين بين يديه على طبق من ذهب ، فقال : كيف رأيت يا حسين؟
وروي أيضا : أنّ السبايا لما وردوا مدينة دمشق ، ادخلوا من باب يقال له باب «توما» ، ثم اتي بهم حتى اقيموا على درج باب المسجد الجامع ،