ابن خمس وستين سنة ، ولنذكر لتمام المطلب هنا :
مقتل مصعب ، وعبد الله ابني الزبير
كان عبد الملك بن مروان يهمه أمر العراق ، فأجمع رأيه أن يدخلها بنفسه ، وتهيأ للمسير إليها ، ولبس سلاحه ، ودعا بكرسي فجلس عليه ، فأتته امرأته عاتكة بنت يزيد بن معاوية ومعها جواريها حتى وقفت بين يديه ، فقالت : أنشدك الله ، يا أمير المؤمنين! إن غزوت آل الزبير في هذه السنة ، فقد علمت أنهم أشأم بيت في قريش.
فقال لها : ويحك قد أزمعت على السير ، ولا بدّ لي من ذلك ، فإما أن يبيدني آل الزبير أو ابيدهم. فبكت عاتكة فتبسم عبد الملك ، وقال : قاتل الله كثيرا كأنّه نظر إلينا فقال:
إذا ما أراد الغزو لم يثن عزمه |
|
حصان عليها نظم در يزينها |
نهته فلمّا لم تر النهي عاقه |
|
بكت فبكى مما عناها قطينها |
ثم دعا أخاه أبان بن مروان فاستخلفه على الشام ، وخرج إلى العراق ومعه ثلاثة وستون ألفا من أهل الشام ومصر ، فبلغ ذلك مصعب ابن الزبير ، فخرج من الكوفة وعسكر على عشرة فراسخ منها ، واغتمّ غما شديدا ، فدعا بعبد الله بن أبي فروة مولى عثمان بن عفان ، فاستشاره في المحاربة ، فأشار عليه أن يستخلف على عمله ويلحق بأخيه عبد الله بمكة ، وقال : إنّ الناس يخذلونك ، فاقل له : إني أكره أن تتحدّث العرب : بأني كعت عنه (١) ، ولكن هل لك أن تسير معي؟
__________________
(١) كاع : رجع خائفا.