قالا : نحن من ولد جعفر الطيار في الجنّة ، هربنا من عسكر ابن زياد ، فقال لهما : من الموت هربتما وفي الموت وقعتما ، فقالا له : يا شيخ! اتّق الله ، وارحم شبابنا ، واحفظ قرابتنا من رسول الله ، فقال لهما : دعا هذا ، فو الله ، لا أعرف لكما قرابة من رسول الله ، فأقامهما وشدّ كتفيهما ، ودعا بغلام له أسود ، فقال له : دونك هذين الغلامين ، فانطلق بهما إلى شط الفرات ، واضرب أعناقهما ، وأنت حر لوجه الله.
فتناول الغلام السيف ، وانطلق بهما ، فلما كان في بعض الطريق ، قال له أحدهما : يا أسود! ما أشبه سوادك بسواد «بلال» خادم جدنا رسول الله! قال لهما : من أنتما من رسول الله؟ قالا : نحن من ولد جعفر الطيار في الجنّة ، ابن عم رسول الله ، فألقى الأسود السيف من يده وألقى نفسه في الفرات ، وكان مولاه اقتفى أثره ، وقال : يا مولاي! أردت أن تحرقني بالنار ، فيكون خصمي محمد صلىاللهعليهوآله يوم القيامة.
فقال له : عصيتني يا غلام؟ فقال الغلام : لأن اطيع الله وأعصيك أحبّ إلي من أن اطيعك وأعصي الله! فلما نظر إلى الغلام وحالته ، علم أنه سيهرب ، فدعا بابن له ، فقال: دونك الغلامين فاضرب أعناقهما ، ولك نصف الجائزة. فتناول الشاب السيف ، وانطلق بهما ، فقالا له : يا شاب! ما ذا تقول لرسول الله غدا؟ بأي ذنب قتلتنا ، وبأي جرم؟ فقال : من أنتما؟ قالا : نحن من ولد جعفر الطيار في الجنة ابن عم رسول الله ، فألقى الشاب نفسه في الماء ، وقال : يا ابة! أردت أن تحرقني بالنار ، ويكون محمد صلىاللهعليهوآله خصمي! فاتق الله ، يا أبة! وخل عن الغلامين ، قال : يا بني! عصيتني؟ فقال : يا أبة! لأن أعصيك واطيع الله أحب إليّ من أن اطيعك واعصي الله.
فلما نظر الشيخ أن ابنه أبى ذلك كما أباه العبد ، تناول السيف بيده ،