وقال : والله ، لا يلي هذا أحد سواي ، ثم انطلق بالغلامين ، فلما نظرا ذلك أيسا من الحياة ، فقالا له : يا شيخ! اتق الله فينا! فإن كان تحملك على قتلنا الحاجة ، فاحملنا إلى السوق ، ونقر لك بالعبودية ، فبعنا واستوف ثمننا ، قال : لا تكثرا! فو الله ، لا أقتلكما للحاجة ، ولكني أقتلكما بغضا لأبيكما ولأهل بيت محمد؟
ثم هز السيف ، وضرب عنق الأكبر ، ورمى بدنه بالفرات ، فقال الأصغر : سألتك بالله أن تتركني أتمرغ بدم أخي ساعة ، ثم افعل ما بدا لك ، قال : وما ينفعك ذلك؟ قال : هكذا احبّ ، فتمرغ بدم أخيه إبراهيم ساعة ، ثم قال له : قم! فلم يقم ، فوضع السيف على قفاه ، وذبحه من القفا ، ورمى ببدنه إلى الفرات ، وكان بدن الأوّل طافيا على وجه الفرات ، فلما قذف الثاني أقبل بدن الأول راجعا يشق الماء شقا حتى اعتنق بد أخيه ، والتزمه ، ورسيا في الماء ، وسمع الشيخ صوتا من بينهما في الماء منهما ، يقول : يا ربنا! تعلم وترى ما فعل بنا هذا الظالم ، فاستوف حقنا منه يوم القيامة ، ثمّ أغمد سيفه وحمل الرأسين وركب فرسه ، حتى أتى بهما عبيد الله ابن زياد ، فلما نظر عبيد الله إلى الرأسين قبض على لحية الرجل ، وقال له : سألتك بالله ما قال لك الغلامان؟ قال : قالا لي : يا شيخ! اتّق الله وارحم شبابنا ، فقال له : ويحك! لم لم ترحمهما؟ فقال له : لو رحمتهما ما قتلتهما.
فقال عبيد الله : لما كنت لم ترحمهما؟ فإني لأرحمك اليوم ، ثم دعا بغلام أسود له يسمى : نادرا ، فقال : يا نادر! دونك هذا الشيخ ، فانطلق به إلى الموضع الذي قتل الغلامين فيه ، فاضرب عنقه ، ولك سلبه ، ولك عندي عشرة آلاف درهم التي أجزتها ، وأنت حرّ. فشدّ نادر كتفيه وانطلق