حسنهما وجمالهما ، فقالت لهما : من أنتما؟ ومن أين جئتما؟ فقالا : نحن من ولد جعفر الطيار في الجنة ، هربنا من عسكر عبيد الله بن زياد ، فقالت المرأة : إن زوجي في عسكر عبيد الله بن زياد ، ولو لا أني أخشى أن يجيء الليلة لأضفتكما وأحسنت ضيافتكما. فقالا لها : انطلقي بنا فنرجو أن لا يأتي زوجك الليلة ، فانطلقت المرأة والغلامان حتى انتهت بهما إلى منزلها ، فأدخلتهما وأتتهما بطعام ، فقالا : ما لنا في الطعام من حاجة ، ائتنا بمصلّى نقضي نوافلنا ، فأتتهما بمصلى فصليا وانطلقا إلى مضجعهما.
فقال الأصغر للأكبر : يا ابن أمي! التزمني وانتشق من رائحتي فإني أظن أن هذه الليلة آخر ليلة فلا نمسي بعدها ، فاعتنق الغلامان وجعلا يبكيان ، فبينا هما كذلك إذ أقبل زوج المرأة فقرع الباب ، فقالت المرأة : من هذا؟ فقال : افتحي الباب. فقامت ففتحت الباب ، فدخل زوجها ورمى سلاحه من يديه ، وقلنسوته من رأسه ، وجلس مغتما حزينا ، فقالت له امرأته : مالي أراك مغتما حزينا؟ قال : فكيف لا أحزن وإن غلامين قد هربا من عسكر عبيد الله؟ وقد جعل لمن جاء بهما عشرة آلاف درهم ، وقد بعثني خلفهما فلم أقدر عليهما ، فقالت امرأته : اتّق الله يا هذا! ولا تجعل خصمك محمدا صلىاللهعليهوآله.
فقال لها : اعزبي عني! فو الله ، لا أعرف لهما من رسول الله منزلة ، فائتني بطعامي ، فأتته بالمائدة ووضعتها بين يديه ، فأهوى يأكل منها ، فبينا هو يأكل إذ سمع هينمة الغلامين في جوف الليل ، فقال : ما هذه الهينمة؟ قالت : لا أدري! قال : ائتني بالمصباح حتى أنظر ، فأتته به فدخل البيت فإذا هو بالغلامين ، فعرفهما فوكزهما برجله وقال : قوما من أنتما؟ ومن أين جئتما؟