لأحد مثلها وهي قوله :
«فإن تكن الدنيا تعدّ نفيسة |
|
فدار ثواب الله أعلى وأنبل |
وإن تكن الأبدان للموت انشئت |
|
فقتل امرئ في الله بالسيف أفضل |
وإن تكن الأرزاق قسما مقدّرا |
|
فقلّة حرص المرء في الكسب أجمل |
وإن تكن الأموال للترك جمعها |
|
فما بال متروك به المرء يبخل؟ |
سأمضي وما بالقتل عار على الفتى |
|
إذا في سبيل الله يمضي ويقتل» |
ثم إنّه عليهالسلام دعا النّاس إلى البراز ، فلم يزل يقتل كل من دنا إليه من عيون الرجال حتى قتل منهم مقتلة عظيمة ، فحالوا بينه وبين رحله فصاح بهم : «ويحكم ، يا شيعة آل أبي سفيان! إن لم يكن لكم دين ، وكنتم لا تخافون المعاد ، فكونوا أحرارا في دنياكم هذه ، وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عربا كما تزعمون».
فناداه شمر : ما تقول يا حسين؟ فقال : «أقول أنا الذي اقاتلكم وتقاتلوني ، والنساء ليس عليهم جناح ، فامنعوا عتاتكم وطغاتكم وجهالكم عن التعرض لحرمي ما دمت حيا». فقال له شمر : لك ذلك يا ابن فاطمة! ثم صاح شمر بأصحابه : إليكم عن حرم الرجل ، واقصدوه بنفسه ، فلعمري ، لهو كفو كريم! فقصده القوم بالحرب من كل جانب ، فجعل يحمل عليهم ويحملون عليه ، وهو في ذلك يطلب الماء ليشرب منه شربة ، فكلما حمل بفرسه على الفرات حملوا عليه ، حتى أجلوه عنه ، ثم رماه رجل يقال له : أبو الحتوف الجعفي بسهم فوقع السهم في جبهته ، فنزع الحسين السهم ، ورمى به ، فسال الدم على وجهه ولحيته ، فقال : «اللهمّ! قد ترى ما أنا فيه من عبادك هؤلاء العصاة العتاة ، اللهمّ! فاحصهم عددا ، واقتلهم بددا ، ولا تذر على وجه الأرض منهم أحدا ، ولا تغفر لهم أبدا».