الله؟ هل من موحّد يخاف الله فينا؟ هل من مغيث يرجوا الله في إغاثتنا؟ هل من معين يرجو ما عند الله في إعانتنا؟» ، فارتفعت أصوات النساء بالعويل ، فتقدم إلى باب الخيمة وقال : «ناولوني عليا الطفل حتى اودعه» ، فناولوه الصبي ، فجعل يقبله ويقول : «ويل لهؤلاء القوم إذا كان خصمهم جدّك» فبينا الصبي في حجره إذ رماه حرملة بن الكاهل الأسدي فذبحه في حجره ، فتلقى الحسين دمه حتى امتلأت كفه ، ثم رمى به نحو السماء ، وقال : «اللهمّ! إن حبست عنا النصر ، فاجعل ذلك لما هو خير لنا».
ثم نزل الحسين عن فرسه ، وحفر للصبي بجفن سيفه ، وزمله بدمه ، وصلّى عليه ، ثم قام وركب فرسه ، ووقف قبالة القوم مصلّتا سيفه بيده ، آيسا من نفسه ، عازما على الموت ، وهو يقول :
«أنا ابن عليّ الخير من آل هاشم |
|
كفاني بهذا مفخرا حين أفخر |
وجدي رسول الله أكرم من مضى |
|
ونحن سراج الله في الأرض نزهر |
وفاطمة أمي ابنة الطهر أحمد |
|
وعمي يدعى ذا الجناحين جعفر |
وفينا كتاب الله انزل صادعا |
|
وفينا الهدى والوحي بالخير يذكر |
ونحن أمان الله في الخلق كلهم |
|
نسرّ بهذا في الأنام ونجهر |
ونحن ولاة الحوض نسقي محبنا |
|
بكأس وذاك الحوض للسقي كوثر |
فيسعد فينا في القيام محبنا |
|
ومبغضنا يوم القيامة يخسر» |
ثم أنشد كما قيل :
«كفر القوم وقدما رغبوا |
|
عن ثواب الله رب الثقلين |
قتلوا قدما عليا وابنه |
|
حسن الخير وجاءوا للحسين |
خيرة الله من الخلق أبي |
|
بعد جدي فأنا ابن الخيرتين» |
وذكر السلامي في «تاريخه» : أن الحسين أنشأ هذه الأبيات ، وليس