الجابريان بطن من همدان ، يقال لهم : بنو جابر ، فتقدما أمام الحسين عليهالسلام ، ثمّ التفتا إليه ، وقالا : السلام عليك ، يا أبا عبد الله! فقال : «وعليكما السلام ورحمة الله وبركاته» ، ثمّ خرجا فقاتلا قتالا شديدا حتى قتلا.
ثمّ خرج غلام تركي مبارز ، قارئ للقرآن ، عارف بالعربية ، وهو من موالي الحسين ، فجعل يقاتل ويقول :
البحر من طعني وضربي يصطلي |
|
والجو من سهمي ونبلي يمتلي |
إذا حسامي في يميني ينجلي |
|
ينشقّ قلب الحاسد المبجل |
فقتل جماعة ، فتحاوشوه فصرعوه ، فجاءه الحسين وبكى ووضع خدّه على خده ، ففتح عينيه ، ورآه فتبسّم ، ثمّ صار إلى ربه.
ثم جاء إليه عمر بن خالد الصيداوي ، فقال : السلام عليك ، يا أبا عبد الله! قد هممت أن ألحق بأصحابي ، وكرهت أن أتخلّف فأراك وحيدا من أهلك قتيلا ، فقال له الحسين : «تقدّم ، فإنا لاحقون بك عن ساعة» ، فتقدم وقاتل قتالا شديدا ، حتى قتل.
ثم جاء إليه حنظلة بن أسعد العجلي الشبامي ، فوقف بين يدي الحسين يقيه السهام والرماح والسيوف بوجهه ونحره ، وأخذ ينادي : يا قوم! (إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ. مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ ، وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ. وَيا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ. يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ما لَكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ) غافر / ٣٠ ـ ٣٣. يا قوم لا تقتلوا حسينا (فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ وَقَدْ خابَ مَنِ افْتَرى) طه / ٦١.
فقال له الحسين : «يا بن أسعد! رحمك الله ، إنهم قد استوجبوا العذاب حين ردوا عليك ما دعوتهم إليه من الحق ، ونهضوا إليك يشتمونك وأصحابك ، فكيف بهم الآن وقد قتلوا إخوانك الصالحين»؟ فقال :