أدفع عنك الضيم والقتل بشيء أعزّ عليّ من نفسي ودمي لفعلت ، السلام عليك ، يا أبا عبد الله! أشهد أني على هداك وهدى أبيك ، ثمّ مشى بالسيف نحوهم.
قال ربيع بن تميم : فلما رأيته مقبلا عرفته ـ وقد كنت شاهدته في المغازي ـ فكان أشجع الناس ، فقلت للقوم : أيها الناس! هذا أسد الاسود ، هذا ابن شبيب ، لا يخرجنّ إليه أحد منكم. فأخذ ينادي : ألا رجل؟ ألا رجل؟ فقال عمر بن سعد : أرضخوه بالحجارة ، فرمي بالحجارة من كلّ جانب ، فلا رأى ذلك ألقى درعه ومغفره ، ثمّ شدّ على الناس ، فو الله ، لقد رأيته يطرد أكثر من مائتين من الناس ، ثم تعطفوا عليه من كلّ جانب فقتل ، فرأيت رأسه في أيدي رجال ذوي عدّة ، هذا يقول : أنا قتلته! وهذا يقول : أنا قتلته! فقال عمر بن سعد : لا تختصموا ، هذا والله لم يقتله إنسان واحد ، ففرق بينهم بهذا القول.
ثمّ جاء عبد الله ؛ وعبد الرحمن الغفاريان ، فقالا : السلام عليك يا أبا عبد الله! أحببنا أن نقتل بين يديك ، وندفع عنك ، فقال : «مرحبا بكما ، أدنوا مني» ، فدنوا منه وهما يبكيان ، فقال لهما : «يا ابني أخي! ما يبكيكما ، فو الله ، إني لأرجو أن تكونا عن ساعة قريري العين»؟ فقالا : جعلنا الله فداك ، لا ، والله ما نبكي على أنفسنا ، ولكن نبكي عليك ، نراك قد أحيط بك ولا نقدر أن نمنع عنك ، فقال : «جزاكما الله ، يا ابني أخي! بوجدكما من ذلك ، ومواساتكما إياي بأنفسكما أحسن جزاء المتقين» ، ثمّ استقدما ، وقالا : السلام عليك ، يا ابن رسول الله! فقال : «وعليكما السلام ورحمة الله وبركاته» ، فخرجا وقاتلا قتالا شديدا حتى قتلا.
ثمّ جاء سيف بن الحرث بن سريع ؛ ومالك بن عبد الله بن سريع