زياد ، أو القتال.
فعدونا عليهم عند شروق الشمس ، فأحطنا بهم من كلّ جانب ، فلما أخذت السيوف منهم مأخذها جعلوا يلوذون إلى غير وزر ، لو ذان الحمام فى الصقور ، فما كان إلا مقدار جزر جزور ، أو نوم قائل حتى أتينا على آخرهم ، فهاتيك أجسادهم مجرّدة ، وثيابهم مرمّلة ، وخدودهم معفّرة ، تسفى عليهم الرياح ، زوّارهم العقبان ، ووفودهم الرّخم.
فلما سمع ذلك يزيد دمعت عينه وقال : ويحكم ، قد كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين ، لعن الله بن مرجانة ، أما والله لو كنت صاحبه لعفوت عنه ، رحم الله أبا عبد الله ثم تمثّل :
تفلّق هاما من رجال أعزّة |
|
علينا ، وهم كانوا أعقّ وأظلما |
ثم أمر بالذّرية فأدخلوا دار نسائه. وكان يزيد إذا حضر غذاؤه دعا علىّ بن الحسين وأخاه عمر فيأكلون معه ، فقال ذات يوم لعمر بن الحسين : «هل تصارع ابنى هذا؟» يعنى خالدا ، وكان من أقرانه. فقال عمر : بل اعطنى سيفا ، واعطه سيفا حتى أقاتله ، فتنظر أيّنا أصبر. فضمّه يزيد إليه ، وقال
شنشنة أعرفها من أخزم |
|
هل تلد الحيّة إلّا حيّة(١) |
٢٣ ـ قال سبط ابن الجوزى قال الواقدى : ثم دعا ابن زياد زحر بن قيس الجعفى وسلم إليه الرءوس والسبايا وجهزه الى دمشق ، فحكى ربيعة بن عمرو قال كنت جالسا عند يزيد بن معاوية فى بهوله إذ قيل هذا زحر بن قيس بالباب فاستوى جالسا مذعورا وأذن له فى الحال فدخل فقال : ما وراك فقال ما تحب أبشر بفتح الله ونصره ، ورد علينا الحسين فى سبعين راكبا من أهل بيته وشيعته فعرضنا عليهم الأمان والنزول على حكم ابن زياد فابوا واختاروا القتال ، فما كان الاكنومة
__________________
(١) الاخبار الطوال : ٢٦٠.