هناك. ولمّا بلغ مسلم بن عقيل قتل هانى بن عروة نادى فيمن كان بايعه فاجتمعوا فعقد لعبد الرحمن بن كريز الكندى ، على كندة وربيعة وعقد لمسلم بن عوسجة على مذحج وأسد ، وعقد لأبى ثمامة الصيداوى على تميم ، وهمدان ، وعقد للعبّاس بن جعدة بن هبيرة على قريش ، والانصار فتقدّموا جميعا حتّى أحاطوا بالقصر واتّبعهم هو فى بقيّة الناس.
تحصن عبيد الله بن زياد فى القصر مع من حضر مجلسه فى ذلك اليوم من أشراف أهل الكوفة؟ والاعوان والشرط ، وكانوا مقدار مائتى رجل ، فقاموا على سور القصر يرمون القوم بالمدر ، والنشاب ويمنعونهم من الدنوّ من القصر فلم يزالوا بذلك حتّى أمسوا.
قال عبيد الله بن زياد لمن كان عنده من أشراف أهل الكوفة : ليشرف كلّ رجل منكم فى ناحية من السور فخوفوا القوم. فأشرف كثير بن شهاب ومحمّد بن الاشعث والقعقاع بن شور وشبث ابن ربعى وحجّار بن أبجر وشمر بن ذى الجوشن فتنادوا : يا أهل الكوفة اتّقوا الله ولا تستعجلوا الفتنة ولا تشقوا عصا هذه الامة ولا توردوا على أنفسكم خيول الشام فقد ذقتموهم وجرّبتم شوكتهم فلمّا سمع أصحاب مسلم مقالتهم فتروا ببعض الفتور.
كان الرجل من أهل الكوفة يأتى ابنه وأخاه ، وابن عمّه ، فيقول : انصرف فانّ الناس يكفونك وتجيء المرأة الى ابنها وزوجها وأخيها فتتعلّق به حتّى يرجع فصلى مسلم العشاء فى المسجد وما معه الازهاء ثلاثين رجلا.
فلمّا رأى ذلك مضى منصرفا ماشيا ومشوا معه فأخذ نحو كندة ، فلمّا مضى قليلا التفت فلم ير منهم أحدا ولم يصب انسانا يدلّه على الطريق ، فمضى هائما على وجهه فى ظلمة اللّيل حتّى دخل على كندة فاذا امرأة قائمة على باب دارها تنتظر ابنها ـ وكانت ممّن خفّ مع مسلم ـ فآوته وأدخلته بيتها وجاء ابنها فقال : من هذا