دخل رجل آخر فقال : يا أمير المؤمنين ، مات خالد بن عرفطة ، فقال : لا والله ما مات ولا يموت حتى يدخل من باب هذا المسجد ، «يعني باب الفيل» براية ضلالة يحملها [له] حبيب بن عمّار ، قال فوثب رجل فقال : يا أمير المؤمنين أنا حبيب بن عمّار وأنا لك شيعة. قال : فإنه كما أقول. فقدّم خالد بن عرفطة (١) على مقدّمة معاوية يحمل رايته حبيب بن عمّار.
قال مالك : حدّثنا الأعمش بهذا الحديث ، فقال : حدّثني صاحب هذا الدار ـ وأشار بيده إلى دار السائب أبي عطاء ـ أنه سمع عليا يقول هذه المقالة (٢).
* * *
قالوا : ولما تم الصلح بين الحسن ومعاوية ، أرسل إلى قيس بن سعد بن عبادة يدعوه إلى البيعة فأتى به ، وكان رجلا طويلا يركب الفرس المسرف ، ورجلاه تخطان في الأرض ، وما في وجهه طاقة شعر ، وكان يسمى خصي الأنصار ، فلما أرادوا أن يدخلوه إليه قال : إني قد حلفت أن لا ألقاه إلّا وبيني وبينه الرمح أو السيف ، فأمر معاوية برمح أو سيف فوضع بينه وبينه ليبر يمينه (٣).
فحدّثني أحمد بن عيسى ، قال : حدّثني أبو هاشم الرفاعي ، قال : حدّثني وهب بن جرير ، قال : حدّثنا أبي عن (٤) ابن سيرين عن عبيدة ، وقد ذكر بعض ذلك في رواية أبي مخنف التي قدمنا إسنادها ، قال :
لما صالح الحسن معاوية ، اعتزل قيس بن سعد في أربعة آلاف وأبى أن يبايع ، فلما بايع الحسن أدخل قيس بن سعد ليبايع. قال أبو مخنف في حديثه : فأقبل على الحسن فقال : أنا في حل من بيعتك ، قال : نعم ، قال : فألقى لقيس كرسي ، وجلس معاوية على سريره ، فقال له معاوية : أتبايع [يا قيس]؟ قال : نعم ، فوضع يده على فخذه ولم يمدها إلى معاوية ، فجثا معاوية
__________________
(١) ترجمة خالد في الإصابة ٢ / ٩٤ ـ ٩٥.
(٢) ابن أبي الحديد ٤ / ١٧.
(٣) نقله ابن أبي الحديد ٤ / ١٧.
(٤) في ط وق «علي بن سيرين».