فإني إلى أن يدفن القلب داءه |
|
ليقتلني الدّاء الدّفين لأحوج |
عفاء على دار ظعنت لغيرها |
|
فليس بها للصّالحين معرّج (١) |
* * *
ألا أيها المستبشرون بيومه |
|
أظلّت عليكم غمّة لا تفرّج |
أكلّكم أمسى اطمأنّ مهاده |
|
بأنّ رسول الله في القبر مزعج |
فلا تشمتوا وليخسأ المرء منكم |
|
بوجه كأنّ اللون منه اليرندج (٢) |
فلو شهد الهيجا بقلب أبيكم |
|
غداة التقى الجمعان والخيل تمعج (٣) |
لأعطى يد العاني أو ارمدّ هاربا |
|
كما ارمدّ بالقاع الظليم المهيّج (٤) |
ولكنّه ما زال يغشى بنحره |
|
شبا الحرب حتى قال ذو الجهل : أهوج |
وحاشا له من تلكم غير أنّه |
|
أبى خطّة الأمر التي هي أسمج (٥) |
وأين به عن ذاك؟ لا أين إنه |
|
إليه بعرقيه الزّكيّين محرج (٦) |
كدأب عليّ في المواطن قبله |
|
أبي حسن ، والغصن من حيث يخرج |
كأنّي به كالليث يحمي عرينه |
|
وأشباله لا يزدهيه المهجهج (٧) |
كأنّي أراه والرّماح تنوشه |
|
شوارع كالأشطان تدلى وتخلج (٨) |
كأنّي أراه إذ هوى عن جواده |
|
وعفّر بالتّرب الجبين المشجّج |
فحبّ به جسما إلى الأرض إذ هوى |
|
وحبّ بها روحا إلى الله تعرج |
أأرديتم يحيى ولم يطو أيطل |
|
طرادا ولم يدبر من الخيل منسج؟ (٩) |
__________________
(١) المعرج : ما يمال إليه ويقام به.
(٢) في ط وق «فلا تشتموا» واليرندج : الصبغ الأسود.
(٣) في ط وق «فلا شهدوا» وتمعج : تموج وتسرع العدو.
(٤) ارمد : أسرع في عدوه. وفي ط وق «الهجهج».
(٥) في ط وق «وجاش له ... هي أشمخ».
(٦) في ط ون «وأين أعن ذاك ... محدج».
(٧) لا يزدهيه : لا يستخفه ، والمهجهج : الذي يصيح به ليزجره.
(٨) تنوشه : تتناول ، شوارع : متسددة الوجهة إليه الاشطان : الحبال الطويلة ، تدلى وتخلج : تنزل وتنزع.
(٩) في ط وق «ولم يطو ابطلا» والأيطل : الخاصرة ، والطراد : كالمطاردة : حمل الفرسان بعضهم على بعض ، والمنسج : ما بين العرف وموضع اللبد.