بعض الزيدية فدس إليهما فالوذجا في جامات أحدهما مبنّج ، فأطعما المبنّج الموكلين ، فلما علما أن ذلك قد بلغ فيهم خرج.
هكذا قال النوفلي.
وقال هاشم بن أحمد ، عن جعفر بن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن رياح : أن أحمد بن عيسى كان قد خرج يوما لبعض حاجته ، فرأى الموكلين به نياما فأخذ كوزا فشرب فيه ، ثم رمى به من يده ليعلم أنهم نيام أم متيقظون ، فلم يتحرك منهم أحد ، فرجع إلى القاسم فأخبره ، فقال له : ويحك ، لا تحدث نفسك بالخروج فأنا في دعة وعافية مما فيه أهل الحبوس.
فقال له : لست والله براجع ، فإن شئت أن تخرج معي فافعل ، فإني سأستظهر لك بشيء أفعله تطيب نفسك به ، فاخرج فاتبعني فإنك إن لم تفعل لم تبق بعدي سليما.
ثم خرج أحمد بن عيسى فأخذ جرة فشالها ليشرب منها ، ثم رمى بها من قامته فما تحركوا ، وخرج لوجهه.
وتبعه القاسم ، فلما صار خارج الدار خالف كل واحد منهما طريق صاحبه ، وافترقا واتعدا لموضع يلتقيان فيه.
فلقي أحمد بن عيسى مولى للفضل بن الربيع ، فدنا يتعرفه (١) ، فعارضه في الطريق. فصاح به : تنح يا ماص كذا وكذا (٢) ، فخافه فتنحى وظن أنه أطلق ، وجاء إلى الدار التي كان فيها محبوسا فنظر إلى الحرس وهم نيام فأنبهم وسألهم عن الخبر ، فأيقنوا بالشر ، ومضوا في طلب الرجلين ، ففاتاهم فلم يقدروا عليهما.
ومضى أحمد بن عيسى حتى أتى منزل محمد بن إبراهيم الذي يقال له : إبراهيم الإمام ، فقال لغلامه : قل له أحمد بن عيسى بن زيد. فدخل الغلام فأخبره ، [وعرف مولاه الخبر] فقال له : ويحك هل رآه أحد؟ قال : لا ، قال : أدخله ، فدخل فسلّم عليه وعرّفه الخبر وقال له : لقد رأيتك موضعا لدمي ، فاتق الله فيّ. فأدخله منزله وستره.
ولم يزل مدة ببغداد مستترا ، وقد بلغ الرشيد خبره ، فوضع الرصد في كل
__________________
(١) في ط وق «مديني يعرفه».
(٢) في ط وق «فصاح به يا أحمد تنح من كذا وكذا».