وغيره ، فبلغ ذلك العمري فأنكره ، وكان قد أخذ قبل ذلك الحسن بن محمد بن عبد الله ، وابن جندب الهذلي الشاعر ، ومولى لعمر بن الخطاب (١) ، وهم مجتمعون ، فأشاع أنه وجدهم على شراب ، فضرب الحسن ثمانين سوطا ، وضرب ابن جندب خمسة عشر سوطا ، وضرب مولى عمر سبعة أسواط ، وأمر بأن يدار بهم في المدينة مكشفي الظهور ليفضحهم. فبعثت إليه الهاشمية صاحبة الراية السوداء في أيام محمد بن عبد الله فقالت له : لا ولا كرامة لا تشهر أحدا من بني هاشم وتشنع عليهم وأنت ظالم. فكفّ عن ذلك وخلّي سبيلهم.
رجع الحديث إلى خبر الحسين.
قالوا : فلما اجتمع النفر من الشيعة في دار بن أفلح أغلظ العمري أمر العرض ، وولّى على الطالبيين رجلا يعرف بأبي بكر بن عيسى الحائك مولى الأنصار ، فعرضهم يوم جمعة فلم يأذن لهم بالانصراف حتى بدأ أوائل الناس يجيئون إلى المسجد ، ثم أذن لهم فكان قصارى أحدهم أن يغدو ويتوضأ للصلاة ويروح إلى المسجد ، فلما صلّوا حبسهم في المقصورة إلى العصر ، ثم عرضهم فدعا باسم الحسن بن محمد فلم يحضر ، فقال ليحيى والحسين بن علي : لتأتياني به أو لأحبسنكما فإن له ثلاثة أيّام لم يحضر العرض ولقد خرج أو تغيّب ، فرادّه بعض المرادّة وشتمه يحيى ، وخرج فمضى ابن الحائك هذا فدخل على العمري فأخبره فدعا بهما فوبخهما وتهددهما ، فتضاحك الحسين في وجهه وقال : أنت مغضب يا أبا حفص.
فقال له العمري : أتهزأ بي وتخاطبني بكنيتي؟.
فقال له : قد كان أبو بكر وعمر ، وهما خير منك ، يخاطبان بالكنى فلا ينكران ذلك ، وأنت تكره الكنية وتريد المخاطبة بالولاية.
فقال له : آخر قولك شر من أوله.
فقال : معاذ الله ، يأبى الله لي ذلك ومن أنا منه.
فقال له : أفأنما أدخلتك إليّ لتفاخرني وتؤذيني؟ فغضب يحيى بن عبد الله
__________________
(١) في الطبري ١٠ / ٢٥ «وعمر بن سلام مولى آل عمر».