يحيى بن علي بن يحيى ، وعمرو بن عبد الله ، وأحمد بن عبد العزيز ؛ قالوا : حدثنا عمر بن شبّة ، قال : حدثني عبد الملك بن سليمان ، عن علي بن أبي الحسن ، عن المفضل الضبي. ورواية ابن الأعرابي واليقطري عن المفضل أتم ، وسائر من ذكرت يأتي بشيء لا يأتي به الآخر قال (١) :
كان إبراهيم بن عبد الله بن الحسن متواريا عندي ، فكنت أخرج وأتركه ، فقال لي : إنك إذا خرجت ضاق صدري ، فأخرج إليّ شيئا من كتبك أتفرج به ، فأخرجت إليه كتبا من الشعر ، فاختار منها السبعين قصيدة التي صدرت بها اختيار الشعراء (٢) ثم أتممت عليها باقي الكتاب.
فلما خرج خرجت معه ، فلما صار بالمربد مرّ بدار سليمان بن علي فوقف عليها ، واستسقى ماء ، فأتى بشربة فشرب ، فأخرج صبيان من صبيانهم فضمهم إليه وقال : هؤلاء والله منا ونحن منهم ، وهم أهلنا ولحمنا ومنّا ، ولكن آباءهم غلبونا على أمرنا ، وابتزوا حقوقنا ، وسفكوا دماءنا ، وتمثل :
مهلا بني عمنا ظلامتنا |
|
إنّ بنا سورة من الغلق (٣) |
لمثلكم تحمل السيوف ولا |
|
تغمز أحسابنا من الرّقق (٤) |
إني لأنمي إذا انتميت إلى |
|
عز عزيز ومعشر صدق |
بيض سباط كأنّ أعينهم |
|
تكحل يوم الهياج بالعلق (٥) |
فقلت : ما أجود هذه الأبيات وأفحلها : فلمن هي؟.
فقال : هي يقولها ضرار بن الخطاب الفهري يوم عبر الخندق (٦) على رسول الله (ص) ، وتمثل بها علي بن أبي طالب يوم صفين ، والحسين يوم
__________________
(١) ابن أبي الحديد ١ / ٣٢٤ والأغاني ١٧ / ١٠٩.
(٢) في ابن أبي الحديد «فاختار منها القصائد السبعين التي صدر بها كتاب المفضليات».
(٣) في ط وق «العلق» وفي الأغاني «القلق» والسورة : الوثوب ، والغلق : الضجر والحدة وضيق الصدر.
(٤) في ط وق «يحمل السيوف» والرقق : الضعف.
(٥) كذا في الأغاني وابن أبي الحديد ، وفي ط وق «بالرزق» والعلق : الدم يريد أن عيونهم حمر لشدة الغيظ والغضب ، فكأنها كحلت بالدم.
(٦) كذا في الخطية وابن أبي الحديد وفي ط وق «يوم جذع الخندق».