وأما غيره ففي إناء داخل صندوق عليه غطاء ، وفوق ذالك الإناء إناء آخر نظيف ، في أسفله ثقب فيه غطاء يفتح ويغلق وحده بلقشة (١) ، فإذا وقعت الحاجة في الإناء الأعلا هبطت من ذالك الثقب إلى الإناء الأسفل بسرعة ثم انغلق الثقب ، ويضعون له شيئا قليلا من الماء في ذالك الصندوق يخرج لذالك الإناء الأعلا بحركة بزبوز لينظفه. فإذا قضى أغلق غلقا آخر على الجميع ، فلا تخرج رائحة ولا فرز حتى يمتلىء فيخرجه الخدمة وينظفونه ويردونه لمحله.
رجوع ، وشاطىء هذا النهر المذكور مبني بأحجار منحوتة وصخر عظيمة ، وارتفع البناء حتى علا الطريق بنحو نصف قامة من مبدأ النهر إلى منتهاه بداخل المدينة. وعلى شاطئه شوارع واسعة ، وإلى جوانبها الحوانيت والديار طيقانها تطل على هذا الوادي. وطرق هذه المدينة كلها مفروشة بالحجارة المنجورة في الوسط وحواشيها مسطحة ، فالوسط للكراريص والأكداش والحواشي للمشاة. وطرقها واسعة جدا وكلها نافذة للهواء ، ليس فوقها روشن ولا ساباط (٢) ، لأن ضوء البيوت إنما هو من الطيقان التي تطل على الزقاق والفضاء ، فإذا غطوها بساباط أو نحوه أظلمت البيوت.
وفي هذه المدينة من الأكداش والكراريص عدد كثير جدا ، يقال إن فيها من ذالك ثلاثة عشر ألفا ، منها ثمانية آلاف للكراء وباقيها ملك لأربابها (٣). وأن فيها من الخيل التي تجرها نحو ثمانية وأربعين ألفا. وهذه الأكداش كلها في غاية من النظافة والصقالة والوثاقة ، يظن بها أنها كلها جدد. وكذالك خيل هذه المدينة كلها في غاية من الشبع وصفاء اللون وكبر الجثة وحسن الصورة ، ولم نر مثل أكداشها ولا مثل خيلها في سائر بلادهم. وبالجملة فهذه المدينة بالنسبة لسائر بلاد الفرنسيس التي رأيناها مدنا وغيرها
__________________
(١) لقشة وتنطق بالمغرب في العربية الدارجة بالنون هكذا : نقشة. وهو النابض ويقابله في الفرنسية روسور (ressort). انظر : ٥٥٢ : ٢Dozy (المعرب).
(٢) استعمل الصفار هنا مصطلح «الساباط» المعروف والشائع استعماله في المدن المغربية العتيقة ، وهو طريق يربط بين أزقة المدينة ، لكن فوقه مباشرة دور أو مساكن معلقة ، فيسمى الممر المغطى بالسقف ساباط ، ووردت عند دوزي بالصاد أيضا هكذا : صباط ، (voچ te) ، بمعنى القوس. ٨١٥ : ١Dozy (المعرب).
(٣) يبدو أن هذا الرقم الذي أتى به الصفار ضئيل جدا ، إذ جاء في جريدة الإلوستراسيون L\'Illustration بتاريخ ١٥ نونبر ١٨٤٥ أن باريز كانت تحتوي على ٥٢٠ ، ٢ عربة كان استعمالها مقصورا على حمل الركاب دون البضائع وغيرها من المحمولات.