الديار وفي الأسواق.
والحوض المذكور الذي يكون في داخل البيت يكون من النحاس في الغالب ، وقد يكون من الرخام على قدر ما يمتد فيه الإنسان مع جمع رجليه شيئا ما ، ويصيب فيه ميزابان (١) أحدهما من الماء البارد والآخر من السخن ، لكل منهما بزبور يغلق ويفتح وبأسفله مفجر يخرج منه الماء متى احتيج إليه. وهو أيضا يغلق ويفتح ، فإذا أراد المغتسل أن يدخله ، فتحوا له الميزابين حتى يمتلئ الحوض ويكون الماء كما يريد ثم يغلقان ، فيدخله المغتسل فيتجرد من ثيابه ويعلقها في أعلاق لها هنالك ويغلق الباب ويدخل في الحوض المذكور ويضطجع فيه ، فإن كان الماء معتدلا فذاك ، وإن كان حارا سخنا فتح بزبوز البارد ، أو باردا فتح بزبوز السخن. فإذا تغير ذالك الماء بالوسخ وأراد إبداله ، فتح المفجار الذي بأسفل الحوض فيخرج منه الماء ويغسله ، ثم يغلق المفجار ويرسل الميزابين حتى يستوفي غرضه ويخرج.
وذالك البيت مضى بطاقة كبيرة لها غلف من الزجاج ، عليه من داخل ساتر رقيق يمنع التكشف ولا يحجب الضوء. ومن أراد أن ياتوه بالحمام المذكور لبيته ، أتوه بذالك الحوض وبالماء سخنا في الأواني وبالفوط التي يستحقها للتنشف وغيره فيغتسل في بيته. إلا أن هذا لا يمكنه تبديل الماء إذا تغير ، لأنه ليس في الحوض الذي يأتون بمفجار في أسفله. وليس في بيوتهم مهاريق للماء ، فلا تجد من أين ترسل شيئا من الماء ولا نقطة. وكان يشق علينا الوضوء لأجل ذالك ، فكنا نحتاج أن نأتي بإناءين ، أحدهما فيه الماء والآخر نتوضأ فيه مع مشقة واحتيال لصغر الإناء ، ولأن أرضهم مفروشة بالزرابي إذا قطر عليها الماء أفسدها ، وهم في غنية عن إهراق الماء فلم يستعدوا له.
وما يجتمع في البيت من الماء الوسخ أو البول أو غيره يخرجونه في الأواني ، وقضاء الحاجة يكون عندهم في الأواني أيضا. أما البول ففي حلاليب (٢) معدة له ،
__________________
(١) مفردها ميزاب أو مئزب وهي الأنابيب أو الجعاب التي توصل الماء إلى الصنابير ، أحدهما للماء البارد وثانيهما للماء الحار ، وتسمى أيضا بالقواديس (المعرب).
(٢) مفردها حلاب وهو وعاء قد يكون من الطين أو المعدن ، وله استعمالات متعددة. والحلاب المقصود هنا هو الذي يسميه الفرنسيون :
) Pot de nuit (، انظر : ٣١٤ : ١Dozy (المعرب).