فيه أشجارها ، فإن كانت تبلغ على عشر سنين ، فيقسمها على عشرة أجزاء ، كل عام يقطع جزءا ، أو على ثلاثين فثلاثين وهكذا. بحيث إذا قطع الأخير منها وجد ما كان قطعه أولا بلغ بعد خلفه. ومنها أنه لا يقطع شجرة حتى يوقف عليها من له النظر في ذالك ، فإن كانت تصلح للبيلك (١) للمراكب أو نحوها طبعها بطابعه ، ومتى شاء أخذها لاكن بعد دفع الثمن ، وإن لم تكن تصلح له أباح لربها قطعها بعد أن يؤدي عليها خراجا (٢) معلوما عندهم على الأشجار. والأشجار في أرضهم كثيرة جدا ، لا ترى عن يمينك وشمالك إلا هي. ومع كثرتها لا تجد شيئا من الحطب مجانا حتى السقوط ، بل يحافظون على كبيره وصغيره ولا يضيعون منه شيئا ، ولا يخرجونه من أيديهم إلا بالثمن. ولا يقدر أحد أن يأخذه من تلك غيره بغير إذنه.
ومن جملة قوانينهم التي أسسوها وجعلوها شريعة (٣) من شرائعهم ، أن أرض
__________________
(١) استعمل الصفار هنا لفظة «البيلك» التركية ، ويعني بها الدولة المعروفة في المغرب بتسمية «المخزن» المشهورة. وربما أوحى إليه باستعمالها التراجمة المرافقون لأعضاء البعثة السفارية أثناء وجودها في فرنسا ، والذين سبق لهم أن قضوا مد معينة في الجزائر ؛ كما استعمل مصطلح «البيلك» للإشارة إلى دويلة الأمير عبد القادر المعلن عن قيامها في وهران ، انظر :
Azan, L\'e؟mir Abd el Kader, p. ٣٣١.
(٢) كانت تفرض ضريبة الخراج على الأراضي. وكانت في الأصل من الضرائب المفروضة على غير المسلمين ، لكنها أصبحت تعم المسلمين أيضا. وحسب المذهبي المالكي ، فإن الخراج لم يكن ضريبة بل نوعا من «واجب للكراء» يؤديه الفرد مقابل استغلاله للأرض التي كانت ملكا للجماعة. وبدأ العمل بالخراج في المغرب منذ حوالي القرن الثالث عشر الميلادي ، فأصبح يؤدى منذ ذلك الحين بنوع من الانتظام. لكنه غالبا ما كان يحمل اسم «النائبة». انظر ما كتبه ميشوبلير في المقالتين التاليتين :
" l؟impo؟t de la nai؟ba et la loi musulmane au Maroc", RMM ١١) ٠١٩١ (: ٦٩٣ ـ ٤٠٤. ، وكذا : E Michaux ـ Bellaire," le droit de proprie؟te؟au Maroc", RMM ٧) ٩٠٩١ (: ٥٦٣ ـ ٨٧٣.
(٣) «الشريعة» هي مجمل التعاليم الإسلامية التي نزلت على الرسول عن طريق الوحي. واستعمل الصفار المصطلح نفسه ، شأنه في ذلك شأن الطهطاوي ، للإشارة إلى القوانين الوضعية الفرنسية ، انظر : L\'or ,p.٣٣١ ؛ تلخيص ، ص. ٩٤. كما يستعمل الصفار أيضا مصطلح «قانون» ، ويعني به تقنينات وتنظيمات مختلفة تطبق إلى جانب القوانين الوضعية. ويفرق فقهاء المسلمين بين