وأشجار اللشين (١) كثيرة عندهم ، لكن يجعلونها في صناديق ونحوها. فإذا كانت أيام الصيف والحر أخرجوها للفضاء ، فإذا جاء البرد والثلج والشتا أدخلوها للبيوت لشدة البرد عندهم خوفا من يبسها. رأينا منها بباريز بيوتا كثيرة ، وهي منزلة فيها على أحسن ترتيب ، ولها طاقات وسقف من الزجاج. فإذا كان يوم مشمش فتحوها ليدخل لها الهواء ، وإذا كان يوم برد أغلقوها ، وتلك الصناديق كبار ، وكذالك الأشجار التي فيها رأينا تاريخ واحدة في صندوقها مر لها فيه ما يزيد على أربعماية سنة. ويدخلون تلك الصناديق ويخرجونها بجر وحركات على ما عهد من حيلهم في ذالك. ولم نر عندهم اللشين مغروسا بالأرض إلا يسيرا منه حوز طولون ، وأخبرونا أن لهم منه أيضا بجزيرة في البحر قبالة طولون (٢) ، وأشجار الرمان عندهم قليلة رأينا منها أيضا في البيوت.
وغالب أشجارهم الصفصاف ونحوه مما يعلوا ويعظم ، وفائدته عندهم الظل أيام الحر ، واستفاد ما يخرج منه من الحطب بالتنقية أو قطعه من أصله. وللحطب عندهم شأن وبال ، وتاجر الحطب عندهم كتاجر الذهب ، لما تقدم من إيقادهم النار في كل بيت دائما أيام البرد. فتجد عندهم ساحات كبار جدا فيها جبال من الحطب ، كله يابس نظيف مقطوع قطعا صغارا نحو الذراع ، ويباع عندهم بالوزن لا بالأحمال. وليس عندهم غابة مباحة للاحتطاب ، بل كل واحد يحتطب من ملكه ويغرس الأشجار في فدانه أو بستانه بقصد ذالك ، وإن كانت غابة فهي مملوكة لأربابها لا مباحة.
ولهم قوانين في قطع الأشجار. منها أن من له غابة يقسمها على مقدار ما تبلغ
__________________
(١) وقد تنطق أيضا بالتاء في بعض جهات المغرب ، هكذا : «اللتشين» ، وهو البرتقال ، من فصيلة الحوامض. وأشارد. هاي إلى كثرة ذلك المنتوج خلال القرن التاسع عشر في أحواز الرباط إلى درجة أن «غلته قد بيعت أحيانا قبل جنيها بما يقارب ١ شلنغ عن كل ألف برتقالة» Journal ,p.٣٤. أما جاكسن ، فذكر أن أحواز مدينة «تطوان كانت تنتج ألذ أصناف البرتقال في العالم على الإطلاق ، هذا فضلا عن التين والعنب والبطيخ والمشمش والبرقوق والتوت والتفاح والإجاص والرمان والأترج والليم» ، انظر : Jackson ,Account ,p.١١.
(٢) ويتعلق الأمر بالجزر الصغيرة المعروفة إما تحت اسم (Iles d\'Hye؟res) أو (Iles d\'or) ، وتقع أمام مرسى تولون مباشرة.