زكى باشا وثمة دراسة هامة لهذا الكتاب تستند على تلك الطبعة هو البحث الخاص الذى قام به بيوركمان Bjo؟ikman عن مصنف القلقشندى ؛ وبالرغم من أنه يعالج موضوعه من وجهة نظر تاريخ تطور النثر الدواوينى بمصر الإسلامية إلا أنه يقدم لنا أساسا متينا لتحليل المصنف من كافة نواحيه وذلك فى دراسة لم تتمتع بها أية موسوعة أخرى من موسوعات عهد المماليك.
وكما هو الشأن فى حالات مماثلة مرت بنا فإنه لا يوجد اتفاق تام بين المصادر فيما يتعلق باسم القلقشندى ، ولعل مرد ذلك إلى الخلط بينه وبين ابنه الذى كان من رجالات الأدب أيضا. ويتفق رأى الغالبية على أن اسمه هو شهاب الدين أبو العباس أحمد بن على ؛ وقد ولد فى عام ٧٥٦ ه ـ ١٣٥٥ بمحلة صغيرة قرب قليوب بمصر وإليها نسب إلا أنه من أصل عربى صرف فهو ينتمى إلى قبيلة فزارة التى استقرت بمصر عقب الفتح. وقد تلقى العلم بالإسكندرية وأصبح منذ عام ٧٧٨ ه ـ ١٣٧٦ مدرسا للحديث والفقه ، غير أن ميوله الشخصية ذهبت به إلى اتجاهات أخرى فقد اهتم اهتماما بالغا بنسب القبائل العربية وله فى هذا الصدد مصنف لقى انتشارا واسعا عند القراء العرب فأكمله وزاد عليه فى مستهل القرن التاسع عشر (فى عام ١٢٢٩ ه ـ ١٧١٤) العلامة العراقى السويدى. ولم يبق القلقشندى طويلا فى مهنته التدريسية فقد التحق منذ عام ٧٩١ ه ـ ١٣٨٩ بديوان الإنشاء الذى كان يرأسه آنذاك أحد أفراد أسرة العمرى من أقرباء مؤلف الموسوعة المعروف لنا ؛ هذا وقد ترك العمل بديوان الإنشاء أثره الخاص على نشاط المؤلف وهو قد ظل مرتبطا به على ما يبدو إلى وفاته فى عام ٨٢١ ه ـ ١٤١٨ ، أى بعد سبعين عاما من وفاة العمرى. وكان القلقشندى معاصرا لشخصيات كبرى وأحداث عظمى ففى عصره عاش بمصر ابن خلدون المشهور ، وشهد القلقشندى مثله زحف التتار على الشام تحت قيادة تيمور لنك.
هذا وقد حفزه عمله بديوان الإنشاء على وضع المصنف الأدبى الأكبر لحياته ، فقد بدأ العمل فى سفره الضخم فور انتقاله للعمل بديوان الإنشاء فى عام ٧٩١ ه ـ ١٣٨٩ ؛ وهو قد وضعه فى الأصل من أجل كتاب الدواوين وأطلق عليه اسم «صبح الأعشى فى صناعة الإنشا» ؛ وقد أتم الجزء الرابع الرابع عشر منه فى عام ٨١٤ ه ـ ١٤١٢ وظل يزيد عليه إلى حين وفاته. ولعله قد أحس بنفسه كبر حجم المصنف فدفعه هذا إلى اختصاره فى مجلد مكتنز بعنوان «ضوء الصبح المسفر وجنى الدوح المثمر» (٦٠) ؛ وبعض الصيغ الإنشائية التى عالجها فى هذا المصنف الأخير تعتبر أكثر تفصيلا مما جاء فى مؤلفة الضخم. إن موسوعة القلقشندى تعتمد اعتمادا كبيرا على مصنفى العمرى كليهما ولكنها تتميز بدقة التبويب وبأن غرضها الأساسى هو أن تكون مرجعا من أجل كتاب الدواوين أى عمال ديوان الإنشاء. وفيها يلخص المؤلف جميع المعارف التى يحتاج إليها الكاتب المثالى ابتداء من التوجيهات الفنية بالكلام على المداد والقلم والورق والخط إلى المعطيات الواسعة فى محيط الجغرافيا والتاريخ والأدب والبلاغة. وهو يقدم وصفا