على مصنفات لم تصل إلينا فى صورتها الكاملة أو معروفة فى مسودات أخرى.
وإسحق بن الحسين كما هو متوقع لا يستقى مادته من المدرسة الكلاسيكية وحدها بل من المتقدمين عليها كذلك ؛ ويمكن ملاحظة تأثير الخوارزمى وابن خرداذبة عليه ، ومن الواضح أنه كان أكثر اعتمادا على اليعقوبى وابن رسته. وفيما يتعلق بالأخير يستقى منه بشكل خاص فى الفصول المعقودة للخزر والترك ولو أنه لا يمكن استبعاد نقله عن مصنف الجيهانى الذى لم يصلنا ، وعلى أية حال فإنه يجب فيما يتعلق بهذا المؤلف الأخير إعمال الحذر الشديد (١٠٠) كما فعلنا من قبل. ومن العسير أن نحكم ما إذا كان الأدب الجغرافى المتأخر على علم بمصنف إسحاق بن الحسين ، إذ لم يعثر إلى الآن على ما يثبت ذلك. والرأى الذى نادى به نالينو من أن الإدريسى وابن خلدون قد أخذا عنه قوبل باعتراض شديد (١٠١) لأن تحديد الأسامى التى يوردها هذان المؤلفان يحتاج إلى براهين أقوى وأمتن من ذلك. وثمة رسالة مشابهة لهذا المصنف تم الكشف عنها فى إحدى مكتبات استنبول ولكن لم تنشر عنها أية تفاصيل بعد.
وبمصر الفاطمية ظهر كتاب كان له تأثير كبير على المؤلفات التالية ولكن لا يمكن الحكم عليه إلا من شذرات متفرقة. فقد وضع الحسن بن أحمد (أو محمد) المهلبى مصنفه «كتاب المسالك والممالك» للخليفة الفاطمى العزيز (٣٦٥ ه ـ ٣٨٦ ه ـ ٩٧٥ ـ ٩٩٦) ولذا فكثيرا ما ورد اسم الكتاب بعنوانه المقتضب «العزيزى» (١٠٢). والعنوان الكامل للكتاب يقودنا إل الظن بأنه من طراز «المسالك والممالك» المعروف لنا جيدا من قبل. وقد تبين من المقتطفات التى نقلها عنه المؤلفون المتأخرون أنه يستند أساسا على أوصاف الطرق خاصة طرق أفريقيا (١٠٣) ؛ وهو يمثل فيما يتعلق بالسودان بالذات أحد المصادر الرئيسية لياقوت (١٠٤) الذى ينقل عنه أكثر من ستين مرة (١٠٥) ؛ ولكنه لا يقتصر على أفريقيا وحدها فياقوت مثلا يرجع إليه أكثر من مرة بصدد مواضع مختلفة من الجزيرة العربية. وقد زار المهلبى سامرا وحفظ لنا ياقوت انطباعاته الشخصية عن أطلالها (١٠٦) ؛ وهو يوليه عناية خاصة من بين مصادره فيضعه جنبا إلى جنب مع المقدسى (١٠٧) ويعرف مصنفه بالعنوانين اللذين ذكرناهما. وقد استعمله كثيرا أبو الفدا (١٠٨) ، وهو أيضا لم يكتف بمادته المتعلقة بأفريقيا بمفهومها الضيق إذ يورد عنه خبرا عن جزيرة سقطرى وسكانها من النصارى النساطرة (١٠٩) ، كما يورد عنه عددا من الروايات تتعلق بموطنه الشام. هذا وقد ظل كتاب المهلبى معروفا معرفة مباشرة إلى أيام دولة التيموريين فاستعمله فى بداية القرن التاسع الهجرى (الخامس عشر الميلادى) حافظ آبرو عندما وضع مصنفه فى الجغرافيا (١١٠).
وجميع أنماط الأدب الجغرافى التى مرت بنا من قبل ظلت تعيش فى القرن العاشر فى مؤلفات ذات أصالة حقة فى بعض الأحيان. فمعروف لنا مثلا مصنف تلعب فيه دورا أساسيا الرغبة فى إرضاء المطالب التعبدية وهو للفقيه أبى العباس أحمد بن القاصّ الطبرى الآملى الذى اشتغل بالتدريس فى آمل وتوفى