قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

تاريخ الأدب الجغرافي العربي [ ج ١ ]

تاريخ الأدب الجغرافي العربي

تاريخ الأدب الجغرافي العربي [ ج ١ ]

تحمیل

تاريخ الأدب الجغرافي العربي [ ج ١ ]

228/469
*

بتحليلها فيران Ferrand (٨٥) تقف دليلا على أن المادة كما هو متوقع تحمل طابعا نقليا وليست بذات أهمية كبيرة. أما جداول توزيع الأماكن المأهولة وفقا لكل إقليم فمشوهة للغاية (٨٦) كما هو الشأن دائما مع المخطوطات. ورغما عن ذلك فقد حاول الكارتوغرافى المشهور كيبرت Kiepert أن يضع على أساسها خارطة للعالم كما تصوره «إخوان الصفاء».

وفيما عدا القسم الخاص بالجغرافيا فإن المعطيات الجغرافية تتناثر فى بقية الرسائل ، وهى لا تخلو من أهمية فى بعض الأحيان رغما من أنها قليلا ما تميزت بالأصالة. وتلعب نظرية الأزمنة الكونيةCosmic) (Cycles دورا كبيرا فى «رسائل إخوان الصفاء» ؛ فقد عمل هؤلاء العلماء على تطوير النظريات القديمة للعالم الكلاسيكى ونظريات العلماء الهنود التى مر بنا ذكرها من قبل ، ولكنهم إلى جانب هذا أتوا بآراء طريفة فى مجال الجغرافيا الطبيعية (٨٧) والميتورولوجيا (Meteorology). فهم قد لاحظوا ارتفاع حرارة الغلاف الجوى نتيجة لانعكاس أشعة الشمس على سطح الأرض ، كما تثبتوا من أصل المنابع والأنهار (٨٨) ولاحظوا أيضا وجود التغير التدريجى فى موضع كل من اليابس والماء (١). وقد تجاوزا عصرهم بكثير عندما نادوا بالنظرية التى مؤداها أنه بمرور الزمان تتحول الأراضى المزروعة إلى صحارى والصحارى إلى أرض مزروعة ، وتصبح السهول بحارا وتتحول البحار إلى سهول وجبال (٨٩) ؛ وفى بداية القرن التالى لهذا يحاول العلامة البيرونى أن يثبت ذلك بأدلة محسوسة.

و «رسائل إخوان الصفا» التى صيغت فى أسلوب سهل لا تثقله المصطلحات والتى تضم دائرة واسعة من الموضوعات فى تركيب جلى واضح قد نالت انتشارا واسعا ولكن ليس فى الأوساط السنية بالطبع ، فالغزالى مفكر أهل السنة الكبير (توفى عام ٥٠٥ ه‍ ـ ١١١١) يرى فى استنتاجاتهم ضلالا مبينا (٩٠). وقد تجاوزت شهرتهم بسرعة فائقة ليس حدود موطنهم فحسب بل وحدود الأدب العربى بمعناه الضيق ، فمنذ نهاية القرن العاشر نشر تعاليمهم بالأندلس (٩١) مسلمة المحريطى «اقليدس الأندلس» ، وفى القرن الثالث عشر وقع تحت تأثيرهم الكاتب السريانى يعقوب (ساويرس) برشكّو (شككبو) Bar Shakko (٩٢)، وفى القرن الرابع عشر نقلت رسائلهم إلى الفارسية فى دولة تيمور (٩٣) ، كما أن أجزاء متفرقة منها وجدت طريقها إلى أوروبا الوسيطة. ويرجع الفضل فى تعريف الدوائر العلمية المعاصرة بهم إلى ديتريتشى Dieterici الذى أفرد لهم أكثر من عشرين بحثا فى تحليل وترجمة ونشر معظم الرسائل. وترتفع هذه الأبحاث إلى العهد الذى لم تكن قد وضحت فيه بعد طبيعة الوسط الذى نشأت فيه جماعة «إخوان الصفاء» ؛ وفى الأعوام العشرة الأخيرة فقط عند ما وضحت طبيعة علاقتهم بحركة الإسماعيلية أصبح فى حيز الإمكان

__________________

(*) حدث سهو لدى المؤلف عند ما كتب «اليابس والأرض» بدلا من «اليابس والماء». وفى الواقع أن ألفاظJ.K.Wright التى نقلها هى كالآتى :» gradual alteration in th the relative position of land and sea «(راجع كتابه Geographical lore ,New York ,٥٢٩١ ص ٨٣). (المترجم)