ميلا إلى نفى الحركة عنها (١١١). وفى القسم الجغرافى يعرض وصفا مفصلا للبحار والأقاليم مأخوذ كما هى العادة عن الفلكيين ولكن أكثر استيفاء ، بحيث يقدم لنا فى أحوال عديدة مادة تكفى لوضع خارطة. وتوجد لديه أحيانا معلومات هامة عن بلاد كالهند وجاوه (١١٢) ، كما وأن معرفته بالمغرب لا بأس بها. وعندما دخل الخان أرغون فى علافات دبلوماسية مع فرنسا والبابوية تمكن قطب الدين من أن يريه فى عام ٦٨٨ ه ـ ١٢٨٩ خارطة لبحر المغرب وسواحله مبين عليها بدقة مواقع مدن آسيا الصغرى كذلك (١١٣). والشيرازى لم يظفر إلى هذه اللحظة بالاهتمام والتقدير اللائقين به فى الأوساط العلمية ولم ير النور حتى الآن أىّ من مصنفاته التى ذكرناها ؛ أما معرفتنا بنظرياته فنحن مدينون بها إلى فيدمان الذى أوضح فى كثير من أبحاثه المتناثرة (١١٤) آراء الشيرازى حول عدد من المسائل العلمية.
أما آخر الزيجات الذى يكتمل به عقد هذه السلسلة من الآثار فيقترن باسم حفيد تيمور لنك وهو الوغ بيك (٧٩٦ ه ـ ٨٥٣ ه ـ ١٣٩٣ ـ ١٤٤٩) (١١٥) ؛ وقد بين بارتولد فى بحث مفصل مكانة هذا الأمير فى التاريخ والعلم (١). وكان محبا للفلك خبيرا فيه فقد شيد على غرار إيلخانات إيران مرصدا هائلا بسمرقند فى سنة ٨٣٢ ه ـ ١٤٢٨ ، ظهرت أطلاله فى حفريات عام ١٩٠٨ ولكن للأسف ليس بصورة تمكننا من الحكم على البناء بأجمعه ؛ ورغما من ذلك فإن ربع الدائرة (quadrant) فى الجزء المتبقى منه لا يزال يحدث تأثيرا قويا فى نفس من يراه (١١٦). وفى هذا المرصد كان الوغ بيك يعمل مع عدد من العلماء بعضهم من آسيا الصغرى والبعض الآخر من إيران ، وظهرت آثار هذا النشاط فى جداول النجوم المعروفة باسم «زيج سلطانى جديد» أو بالاختصار «زيج ألوغ بيك» ، التى تم وضع معظمها حوالى عام ٨٤١ ه ـ ١٤٣٧. وأغلب الظن أنها وضعت أصلا بالفارسية ولكن ظهرت معها فى وقت واحد بالتقريب الترجمتان العربية والتركية وأعقبهما عدد من الشروح والتنقيحات. وترتيب هذا الزيج يكاد يطابق ترتيب الزيج الايلخانى ، فيلى المقدمة الطويلة المقالة الأولى فى معرفة التقاويم ، بينما تبحث المقالة الثانية فى معرفة الأوقات ، أما الثالثة ففى حركات الكواكب ، ثم الرابعة فى مواقع النجوم الثابتة. وبالطبع فزيج ألوغ بيك استمرار للتراث العلمى العربى فى مجرى من مجاريه ، فهو لم يكشف عن شىء جديد البتة. وقد أصبحت عمليات الرصد فى العصور التالية لذلك إلى العصر الحديث عسيرة التنفيذ فى الشرق الأدنى ، لذا فإن زيج ألوغ بيك يمثل الكلمة الأخيرة فى فلك العصور الوسطى بل والدرجة القصوى التى بلغها علم الفلك قبل اختراع المنظار المقرّب (التلسكوب) (١١٧).
أما مرصد ألوغ بيك فقد كان أقصر عمرا حتى من مرصد مراغة ، وأغلب الظن أن عمره لم يتجاوز حياة مؤسسة فأضحى منذ القرن السادس عشر خرائب وأطلالا (١١٨). هذا وكان من أكبر معاونى ألوغ بيك فى مرصده ومن واضعى الزيج على بن محمد القوشجى (توفى عام ٨٧٩ ه ـ ١٤٧٤) الذى
__________________
(*) ظهرت بالاتحاد السوفيتى دراسة لعلامة أوزبكى يتناول فيها بالبحث نشاط أولوغ بيك كعالم. (المترجم)