عام ٦٦٠ ه ـ ١٢٦٢) (٨٨) الذى يمثل بعض الأهمية بالنسبة للجغرافيا أيضا لأنه سافر كثيرا فزار الأندلس وعرف شمال افريقيا من المحيط الأطلنطى إلى النيل. ومصنفه الأساسى هو «جامع المبادئ والغايات إلى علم الميقات» ؛ وفى القسم الأول منه يعالج مبادئ تلك العلوم التى يقوم عليها الفلك وهى الكوزموغرافيا (وصف الكون) والتوقيت وفن صنع الساعات الشمسية أى المزاول Gnomonics ؛ أما القسم الثانى فقد أفرد بصورة خاصة لصناعة أجهزة الرصد وطريقة العمل بها. وهو يقدم لنا كشفا بأسماء مائتين وأربعين نجما رصدت عام ٦٢٢ ه ـ ١٢٢٥ ـ ١٢٢٦ ، هذا إلى جانب جداول العروض والأطوال لمائة وخمسة وثلاثين موضعا جغرافيا حقق منها بنفسه أربعة وثلاثين (٨٩). ومن الطريف اتخاذه الأرين خطا للابتداء ، وهو مذهب يرجع إلى التراث السابق لعهد المأمون. وقد أكمل تأليف هذا المصنف فى عام ٦٢٧ ه ـ ١٢٣٠ ، وهو كغيره من الآثار الفلكية قد تعرف عليه العلم المعاصر قبل تعرفه على الآثار الجغرافية وأضحى جزء كبير منه فى متناول الأيدى فى ترجمة فرنسية من عمل العالمين الفرنسيين سيديوSe؟dillot الأب والابن (١٨٣٤ ـ ١٨٣٥ ، والتتمة عام ١٨٤٢). وكما لاحظ رينو (٩٠) فإنه من المستحيل بالطبع إنكار أن المراكشى كان تجريبيا أكثر منه عالما وأنه يقف فى المستوى العلمى دون ابن يونس بكثير ، إلا أن مصنفه يمثل خطوة هامة فى ميدان الجغرافيا الرياضية ولا يزال وصفه لأجهزة الرصد فريدا فى نوعه إلى اليوم.
وفى العصر الذى كان يقوم فيه المراكشى بأرصاده الفلكية فى المغرب حدث بالمشرق تحول كبير نتيجة لاستيلاء المغول على بغداد وقضائهم نهائيا على الخلافة العباسية. وهذا العهد الذى صحبه القضاء على عدد من آثار الحضارة استطاع رغم ذلك أن ينتج أثرا ممتازا فى ميدان الفن الذى نعالجه الآن ، أعنى بذلك «الزيج الايلخانى» ؛ كما استطاع أن ينشئ منظمة واصلت بجدارة النشاط العلمى «لدار الحكمة» المأمونية والحاكمية ، أعنى بذلك مرصد مراغة الشهير. وكل من الجداول الفلكية والمرصد يرتبطان باسم واحد من أكبر علماء الإسلام قاطبة وهو نصير الدين الطوسى (٥٩٧ ه ـ ٦٧٢ ه ـ ١٢٠١ ـ ١٢٧٤) (٩١) ويكتب اسمه فى العلم الأوروبى أحيانا على هيئة ناصر الدين ، ولكن هذا كما أثبت نالينو (٩٢) يستند على محض خطأ إذ أن اسمه فى الواقع هو نصير الدين ليس غير. وقد كان نصير الدين يجيد اللغتين العربية والفارسية ويكتب بهما ، ويمكن اعتباره ممثلا للثقافتين العربية والفارسية على السواء. وفى مؤلفاته العلمية سار بالطبع على منوال المذهب العربية المرتبطة ارتباطا وثيقا بتراث الأوائل. وقد مكنته مهارته السياسية الفائقة من أن يحتفظ بحياته فى الظروف القاسية التى مرت بها إيران فى منتصف القرن الثالث عشر ، بل وأن يزاول نشاطه العلمى كذلك ؛ وحدث له أن أمضى فترة ليست بالقصيرة محتجزا فى قلعة الاسماعيلية بألموت Alamut ، وما لبث أن وقع فى قبضة هولاكو ولكنه عرف كيف يحتفظ بنفوذه لديه معتمدا فى ذلك على ما يظهر على سمعته كمنجم ؛ وكان فى معية هولاكو عند