به من الجزائر العامرة التى فى بحر أوقيانس الغربى إلى ناحية المشرق على حسب ما وجدوا أوقات كسوفات القمر خاصة بتقدم بعضها بعضا فى البلدان فعلموا بذلك أن انتصاف النهار فى كل بلد يتقدم انتصاف النهار فى غيره من ناحية المغرب بأجزاء من أزمان معدّل النهار يكون مقدارها مقدار أزمان ما بين الكسوف فى البلدين ومن ذلك ما أخذوه من الأخبار ممن يسلك الطرق بالتقريب. وأما عروض المدن فإنهم أخذوها من قبل قياس الشمس فى أوقات انتصاف النهار فى البلدان فعرفوا بعدها وقربها من نقطة سمت الرؤوس على نحو ما بينا فيما تقدم من هذا الكتاب فعلموا بعد كل بلد عن خط الاستواء وهو مسافة ما بين الجنوب والشمال ورسموا تحت كل مدينة بعدها عن الجزائر الخالدات فى الطول وعن خط الاستواء فى العرض بالتقريب وقد أثبتنا ذلك على الرسم الذى وجدناه فى كتاب صورة الأرض المعروف وذكر أوساط البلدان والكور المعلومة أيضا ذكرا مفردا كما فعل بطلميوس وهى أربعة وتسعون بلدا ،. وقد يوجد فى هذا الكتاب خلل فى الأطوال والعروض وسنعيد ذكرما يحتاج إليه من ذلك فيما يستأنف من كتابنا هذا» (١) (٦٧).
وبالطبع فهذا الفصل لا يستغرق جميع المادة الجغرافية الموجودة فى زيج البتانى. وجدول الأقاليم لديه يتفق بالتقريب مع الفرغانى ولكنه يختلف مع الخوارزمى بالطبع ، لأن هذا الأخير كما يينا من قبل يقف فريدا فى هذا الصدد ؛ والبتانى لا يضع هذا الفصل فى القسم الجغرافى من زيجه بل بين الجداول المفردة للأجرام السماوية. ولا تخلو من الأهمية أيضا جداوله الجغرافية التى لسبب ما لم تجد مكانها فى الترجمة اللاتينية لأفلاطون التيفولى ولذا فلم تصبح فى متناول أيدى العلماء إلا فى منتصف التسعينيات من القرن الماضى وذلك فى الترجمة الكبرى لنالينو التى سبقت ظهور الطبعة الكاملة للكتاب. وهى تعطى ثبتا بأسماء مائتين وثلاثة وسبعين موضعا موزعة على مجموعتين مع تبيان العروض والأطوال (٦٨). ولأول وهلة قد يظن أن البتانى كان يستهدف تتمة الخوارزمى لأنه يورد فى القائمة الأولى الأربع وتسعين ولاية «eparchies» للمعمورة الواردة فى المقالة الثامنة من كتاب بطلميوس والتى لم تجد مكانها فى «صورة الأرض» للخوارزمى. وفى كلى جدوليه ، كما فى مقدمة زيجه أيضا ، يورد البتانى فى الواقع ذكر مصدر واحد فقط بعنوان «كتاب صورة الأرض». غير أنه من المستحيل أن يبصر فى هذا كتاب الخوارزمى وذلك لأسباب عديدة من بينها ، ولو أنه ليس أهمها ، أن الترجمة اللاتينية لأفلاطون التيفولى القائمة على الأصل العربى لكتاب البتانى تضيف بعد هذا العنوان «المعروف باسم جغرافيا». وكما أثبت نالينو فالكلام يدور هنا فى الواقع حول الترجمة المصلحة لبطليموس التى عملها
__________________
(*) إن شرح هذه القطعة يحتاج إلى بحث خاص ، ولكن تسهيلا لفهمها نذكر أنه يقصد بالبربر والخليج البربرى بلاد الصومال ، أما سبطا فهى سبتة (Ceuta). وبحر أذريس هو البحر الأدرياتيكى ، أما جزيرة قرنس فهى كورسيكا ، وأما لاذقة فهى بلاد اللاظ. ونهر طانايس يقصد به الدون الحالى ، أما بحيرة مايطس فهى بحر آزوف. ويريد ببحر جرجان بحر قزوين وبالباب ممر دربند. (المترجم)