بدار رجل يقال له : الحاج خضر مولود له لحية بيضاء طويلة وليس له عينان ولا فم ، وعلى حاجبه أو جبينه ثؤلول (١) قدر البقلاء وأذناه في عنقه ، وحين ولد سطح له نور ، وبقي إلى أن مات في يومه ، وسجلت هذه الواقعة بسجل القاضي بإسلامبول. كذا في خلاصة الأثر.
وفي سبعة وتسعين وتسعمائة وردت أوامر إلى الأقطار بأن ظهر بمدينة مراكش (٢) من المغرب ثلاثة أنفار ، أحدهم اسمه يحيى بن يحيى ، وهو لابس ثوبا من ليف النخل ، وفي صدره مرآة ، وهو راكب جمل ويقول : لا إله إلا الله ويقول الجمل : محمد رسول الله ، وأنه يقول للجدار : انهدم بأمر الله فينهدم ، ويقول : كن جدارا على ما كنت بإذن الله فيكون جدارا عامرا ، وأن الثلاثة تفرقوا ، واحد إلى الشام ، وواحد إلى قسطنطينية ، وآخر لمصر ، وأن الثلاثة يجتمعون بالشام ، وأن المهدي يتلاقى معهم بالشام ، ومعهم محضر نائب القاضي على قاضي طرابلس المغرب ، وخطوط العلماء وغيرهم ، وأن البندق (٣) والسهام والسيوف لا تؤثر في واحد منهم ، ولما اتصل بالسلطان مراد أمرهم أرسل إلى بلاد الغرب أن لا يقبروا شيئا من ذلك ، وكذا إلى مصر والشام ، وصح هذا الخبر وثبت. انتهى.
__________________
(١) الثؤلول : واحد الثآليل. وهو الحبة تظهر في الجلد كالحمّصة فما دونها (اللسان ، مادة : ثأل).
(٢) مراكش : أعظم مدينة بالمغرب وأجلها ، وبها سرير ملك بني عبد المؤمن ، وهي في البر الأعظم ، بينها وبين البحر عشرة أيام في وسط بلاد البرير ، وكان أول من اختطها يوسف بن تاشفين من الملثمين الملقب بأمير المسلمين (معجم البلدان ٥ / ٩٤).
(٣) البندق : عبارة عن كرات من الرصاص أو ما أشبهه ، يرمى بها بواسطة قوس البندق الذي يسمى الجلاهق ، ويتخذ من القنا ويلف عليه الحرير ويغرى ، وفي وسط وتره قطعة دائرة تسمى الجوزة توضع فيها البندقة عند الرمي (التعريف بمصطلحات صبح الأعشى ص : ٦٨).