تغن عنهم قوتهم ولا طغواهم وثروتهم شيئا ، وبأحرى هؤلاء الذين ابتلي بهم الرسول محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
(وَاذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)(١)(وَاذْكُرْ) زادا في سبيل الدعوة ، وحيادا عن الفشل في الحصول على البغية (اذْكُرْ أَخا عادٍ) : هودا (ع) أخا عاد الأولى ، ولا خبر لنا عن الثانية وإنما الأولى : (أَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى) (٥٣ : ٥٠) مما يوحي بأنهم كانوا أقوى منهم وأظلم وأطغى ، فلقد كانوا أقوى الأقوياء وأشد الأشداء في التاريخ.
(اذْكُرْ أَخا عادٍ) : اخوة في الإنسانية والقومية والإقليمية والقرابة أم ماذا إلا صالح العقيدة ، فهي بحذافيرها لا تنفع ما لم تكن اخوة الإيمان كما لم تنفع أخا عاد وكذلك أنت مع قومك.
«أذكر ..» ماذا لقي من اخوته من كفر صارم ، وتكذيب عارم ، ثم ماذا لقوا (بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ ... فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ) (٦٩ : ٨) وهم كانوا أقوى من قومك مكنة ورذالة ، وأنت أقوى منه مكانة ورسالة.
(أَذْكُرَهُ) ما طاب لك وطيّب خاطرك ولقد ذكر كما أمر بقوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)(يرحمنا الله وأخا عاد) (٢)
(اذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ) وترى أين الأحقاف ، وهي الكتب المرتفعة من الرمال المعوجة حيث كانت منازل عاد؟ هل هي (إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ) (٨٩ : ٧) وقد كانت مبنية على الأحقاف : أراضي
__________________
(١) راجع ج ٣٠ ص ٣٠٩ ـ ٣١٠.
(٢). الدر المنثور ٦ : ٤٣ ـ اخرج ابن ماجه وابن مردويه عن ابن عباس (رض) قال : قال رسول الله (ص) ..