والعلماء الربانيون (١).
ومن التزكيات القولية ما تحرم كالمدّعاة في غير حق ، من فضيلة منفية تدعّى ، أو متواجدة يدعي واجدها أنها من سعيه متحللا عن توفيق الله ، أو دلالة رسل الله ف (فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى) تنحو نحو الأولى ، و (وَلكِنَّ اللهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ) (٢٤ : ٢١) نحو الثانية ، كما أن (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً) (٤ : ٤٩) تشمل الآخرة والأولى ، تزكية التقوى في الأولى ، وتزكية عن الطغوى في الأخرى.
ومهما يكن من شيء في التزكية الحقة منا لأنفسنا ، فإنها مرجوحة الّا عند الضرورة ، وبسناد الوحي أو شبهه ، متنبها منبّها أن تزكية المرء لنفسه
__________________
(١) الاحتجاج للطبرسي عن معمر بن راشد قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول : أتى يهودي الى رسول الله (ص) فقام بين يديه يحد النظر اليه فقال ، يا يهودي ، ما حاجتك؟ فقال : أنت أفضل ام موسى بن عمران النبي الذي كلمه الله عز وجل وانزل عليه التوراة والعصا وفلق له البحر واظله بالغمام؟ فقال له النبي (ص) انه يكره العبد ان يزكي نفسه ولكني أقول : ان آدم لما أصاب الخطيئة كانت توبته انه قال : اللهم اني اسألك بحق محمد وآل محمد لما غفرت لي فغفر الله له ، وان نوحا لما ركب السفينة وخاف الغرق قال : اللهم اني اسألك بحق محمد وآل محمد لما انجيتني من الغرق فنجاه الله عز وجل ، وان ابراهيم (ع) لما القي في النار قال : اللهم انى اسألك بحق محمد وآل محمد لما انجيتني منها فجعلها الله عليه بردا وسلاما ، وان موسى (ع) لما القى عصاه وأوجس في نفسه خيفة قال : اللهم اني اسألك بحق محمد وآل محمد لما آمنتني قال الله عز وجل : (لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى) يا يهودي! ان موسى لو أدركني ثم لم يؤمن بي وبنبوتي ، ما نفعه ايمانه شيئا ولا نفعه النبوة ، يا يهودي! ومن ذريتي المهدي إذا خرج نزل عيسى بن مريم (ع) لنصرته فيقدمه ويصلي خلفه.
(الفرقان ـ م ٢٩)