وبصيغة جامعة فهنا جو للصبر والتسبيح بالحمد موصولا بصفحة الكون في مختلف مظاهره نظرة الاستماع للمناد من مكان قريب ، بعد ما سمعتهم ينكرونها من بعيد ومن قريب! :
(وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ) إنه منادي الصيحة الصارخة ، حيث ينفخ في الصور وينقر في الناقور! نداء (مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ) إلى أهل المحشر أجمع! فللكل منها نصيب على حد سواء ، فإنها بمقربة من الكلّ ، قد تنفخ في الأحياء لإماتتهم ، ومرة أخرى لإحيائهم ، والمنادى النافخ في الصور هو الله : (ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ) (٣٠ : ٢٥) وإن كانت هناك عامل أو عمال للنداء من ملائكة الله أمّن ذا؟ وهي نداء الدعوة للخروج :
(يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ) فهناك سماع جماعي لصيحة الخروج الإحياء يفزع لها أهل الحشر إلا من شاء الله : (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ) (٢٧ : ٨٧) وكما الأولى تشملهم إلا من شاء الله في صيحة الاماتة : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ ..) (٣٩ : ٦٨) وممن شاء الله وأحراهم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فإنه لا يسمع الصيحة المفزعة المصعقة إلا أن يستمع كما وتوحي به (وَاسْتَمِعْ ..) استماع لا فزع فيه ، و (يَوْمَ يَسْمَعُونَ) لا «تسمعون» لكي لا تشمل (مَنْ شاءَ اللهُ) حيث هم هنا لك آمنون ، (لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) (٢٢ : ١٠٣) (.. وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ) (٢٧ : ٨٩).
ثم وهذه الصيحة «بالحق» هي : بإرادة الحق ، مصاحبة حق الدعوة ، وبهدف الحق من الجزاء الحساب ، فلا ظلم هناك ولا فوضى ، فصيحته المفزعة المصعقة حق لهم ، إلا من شاء الله ، بفضل الله ورحمته.