النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ) قوله (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ. وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ. وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهادُ) (٢ : ٢٠٦) فحذار حذار ، يا من تتولون أمور المسلمين دونما لياقة أو لباقة ، عن أن ترتجعوا إلى الجاهلية الأولى فتفسدوا في الأرض وتقطعوا الأرحام! (١).
(أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ) :
«أولئك» المنافقون (الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ) : إبعادا عن رحمته ونعمته لمّا بدلوها كفرا ونقمة (فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) (٦١ : ٥)(فَأَصَمَّهُمْ) عن آذان قلوبهم ، إذ لا تصلها كلمة الحق التي يسمعون بآذانهم ، أم هم لا يسمعون : (يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ) (٢ : ١٩) فهم صم لا يسمعون (وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ) : أبصار قلوبهم عن إبصارهم آيات الحق : (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) (٢٢ : ٤٦) فهم عمي لا يبصرون : يعيشون صما وعميانا ، توليا عن الحق وتصديا لأمور المسلمين ، وليتهم كانوا يفتحون بصائرهم وآذان قلوبهم فيتدبرون القرآن فلا يدبرون :
(أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) :
أم إن قلوبهم كالأبواب المقفلة ، لا تنفتح لوعظ واعظ ، ولا يلج فيه عذل عاذل ، فالقلب المقفول ، هو الغافل والمغفول عنه ، وفي الحق ان أقفال القلوب هي التي تغفلها فتقفلها عن موارد الذكرى بالقرآن ، فرغم ان القرآن ميسّر
__________________
(١) ثواب الأعمال للصدوق عن السكوني عن الصادق جعفر بن محمد (ع) عن أبيه عن آبائه قال : قال رسول الله (ص): إذا ظهر العلم واحترز العمل وائتلفت الألسن واختلفت القلوب وتقاطعت الأرحام هنالك لعنهم الله فأصمهم وأعمى ابصارهم.