وتختص المؤمن من بينها بعد التنزيل ب (هُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ) مما يوحي بأنها تحمل. عزة وعلما ، ومن العلم العزيز حمل العرش : (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ) وهم حملة عرش العلم فيما يحملون ، ومن عزته عز المؤمن من آل فرعون : (وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ ...).
ثم الكتاب بوجه عام يحمل من عزته تعالى وعلمه ما أمكن حمله للعالمين إلى يوم الدين ، وإذا كان (حم) نداء لأحمد ـ محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) منزل وحي الكتاب من الله العزيز العليم ، ف (تَنْزِيلُ الْكِتابِ ...) مبتدأ بخبره ، تناديه (حم) أن تنزيل الكتاب يخص العزيز الحكيم ، كما وأن اصطفاء محطّة الوحي ليس إلّا منه و (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ)!.
أو أن (حم) مبتدأ والجملة خبره ، فأحمد ـ محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) هو تنزيل الكتاب ، حيث القابلية ظرف للفاعلية فكأنه هو التنزيل ، أم أن محمدا هو القرآن والقرآن هو محمد منزّلان (مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ)! وكما في «يس» (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ) (٦٩)! وليس «هو» هنا الا «هو».
لتنزيل الكتاب مرحلتان أولاهما تنزيله نجوما متفرقة ، وأخراهما تنزيله مؤلّفا كما هو الآن ، وكلاهما يحملان من عزته تعالى وعلمه ما أمكن ويليق بخاتمة الوحي.
ولأن الغالب على جو السورة هو المعركة الثورة بين الحق والباطل بأية صورة ، حاملة معارض لمصارع الغابرين وعبرة للباقين ، لذلك تبتدئ فيما