انه ارتداد مليا أو فطريا ، ولا يتنافى وجوب قتل المرتد كما يقتل القاتل أمن ذا وتقبل توبته ، وقتله من كفارته ، فالآية ـ إذا ـ تشمل مثلث الإشراك بالله دون سواه ، فالله لا يغفر الإشراك لمن مات مشركا ، ويغفره لمن كان مشركا ثم آمن ، أم أشرك بعد ما آمن ، تقية أم ارتدادا.
ولأن (الذُّنُوبَ جَمِيعاً) تعم كافة الذنوب شركا فما دونه ف «يا عبادي» تعم كافة المذنبين مشركين ومن دونهم ، حيث ينظر إلى واقع العباد فينسبهم إلى نفسه ، لا إلى عبادتهم حتى تختص بالعابدين وليس لهم الذنوب جميعا ، فالآية عامة في منطوقها ، مهما كان المؤمنون أحرى بها.
ولأن الذنب هو الآخذ بذنب الشيء وهو كل فعل يستوخم عقباه ، فلا يخص الصغائر ، ولا الكبائر دون الشرك والكفر ، والإسراف على النفس ـ وهو تجاوز الحد عليها ـ يشمل ثالوث الذنب دون إبقاء ، وقد عد الله تعالى التبنّي وما فوقه من دركات الكفر من الذنوب : (وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ ...) (٥ : ١٨) وخرافة البنوة الإلهية وسائر كفرهم من ذنوبهم ، وكما (كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ) (٨ : ٥٢) ، وكل هذه وأضرابها إسراف من المسرفين على أنفسهم لا على الله إذ لا تنال ساحته بما يفتعله خلقه.
أترى كيف يغفر الشرك بين الذنوب جميعا و (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ)؟
إنه الغفران المطلق للشرك ، أن يغفر من مات على الشرك كما قبله ، لا مطلق الغفران حيث يغفر الشرك قبل الموت ، وآية الإسراف تعني مطلق
__________________
ـ بعذاب عذبوه فنزلت هؤلاء الآيات وكان عمر بن الخطاب كاتبا فكتبها بيده ثم كتب بها الى عياش والوليد والى أولئك النفر فأسلموا وهاجروا.