«منهما» والآية في مقام العرض لواقع التناسل أولا وأخيرا!
و (جَعَلَ مِنْها زَوْجَها) هنا و (خَلَقَ مِنْها زَوْجَها) هناك تعبيران عن خلق الزوج الأول المجعول لنفس واحدة و «منها» جنسية ونشوية ، فهما متجانسان ، لا في البداية فحسب ، بل على طول الخط كما تلمح له «ثم» الدالة على التراخي ، وليس خلقكم إلّا بعد ما جعل منها وخلق زوجها ، وهذه دلالة ثانية ترفض ثالثا ورابعا من حورية وجنية وهما ليستا «منها» ثم «زوجها» ناشئة منها في البداية ولا تنشأ الحورية والجنية من الإنسان على أية حال ، كدلالة ثالثة على إبطال هذه الأسطورة ، وتفصيل البحث عنه تجده في آية النساء مما يشي ككل بوحدة التصميم الأساسي لهذا الكائن الإنساني مبدأ (نَفْسٍ واحِدَةٍ) وتناسلا (جَعَلَ مِنْها زَوْجَها) دون تدخّل لكائن آخر أولا وأخيرا.
(وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ...) أنزولا من السماء إلى الأرض؟ وليس الله إله السماء فقط أو ما كن السماء حتى يعني إنزاله لنا رحمة إنزالا من السماء (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) (١٥ : ٢١) ومعلوم أن العندية هنا ليست مكانية إذ ليس له مكان ، وإنما عندية العلم والقدرة والرحمة ، فتنزيله ككل ، وإنزال ثمانية أزواج ، إنزال لرحمة من عنده ، نزولا من عليائه إلى دنيا البشر «فإنزاله ذلك خلقه إياه» (١) كما (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ ...).
هذا ، ولا يعني الإنزال من السماء إلّا في تصريحة بالسماء (وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ ...) (٣ : ١٦٤) و (ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ) مفسّرة في آية
__________________
(١) نور الثقلين ٤ : ٤٧٦ عن الاحتجاج للطبرسي عن امير المؤمنين (عليه السلام) قال في الآية : فإنزاله ...