من كربتها ولا قدر فواق ، كما يفيق المريض من علته والسكران من نشوته.
وقد تعني (صَيْحَةً واحِدَةً) واحدة تلو الأخرى على الأبدال ، فقد تكون لهم صيحة يوم الدنيا هي عذاب الاستئصال ، ثم لهم ولكل العالمين صيحة لقيامة الإماتة ، هي لهم أولاء عذاب ، ومن ثم صيحة قيامة الإحياء ، ولا فواق لايّ من هذه الصيحات لهولاء الأنكاد!
وقد تعني ـ فقط ـ الصيحة الثانية ليوم الحساب : (وَقالُوا ... قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ) فلكل صيحة قبل يوم الحساب فواق بعدها ، حيث النوم في البرزخ فواق : (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا) فليس بينهما عرض على النار ، لكن «ويوم القيامة (أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ) (٤٠ : ٤٦) إذ لا تخفيف فيه ولا فواق.
ويا لعجالة الحماقة لهولاء الأغباش يستعجلون قطّهم من صيحة الحساب قبل يوم الحساب ، ومهما تكن لهم من صيحة يوم الدنيا فما هي إلّا دون صيحة الحساب!.
والقطّ في الأصل هو المقطوع عرضا كما القدّ هو المقطوع طولا ، إذا فهو النصيب المفروض المفروز ، ولكن قط الصيحة الأخيرة ليس مفروزا مهما كان مفروضا ، فإنه صيحة الإحياء ثم لا فواق بعدها للكافرين ولا نومة فيها فواق ، خلاف سائر الصيحة قبلها حتى صيحة الإماتة فإن بعدها وقبل الأخرى برزخ فيه نوم مهما قل أو كثر ، وهو فواق!.
(اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (١٧) إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ