حيث الأول تلمح انه علم منطق الطير ككل ، والثانية لمكان «من» التبعيض تختص علمه وقدرته بالبعض ، فقد علّم ـ إذا ـ بعض المنطق من سائر الحيوان وسواها ، كما أوتي البعض غير العلم كما العلم ، وليس منطق الطير كلّ ما يسمع منها ، فقد يكون صوتا دون معنى كما قد يكون منا ، وقد لا يكون صوتا نسمعه كما في النمل واضرابها ، فما يناله الإنسان من الصوت انما هو عدد محدود من الارتعاش الصوتي وهو كما يقال ما بين ستة عشر ألفا إلى اثنين وثلاثين ألفا في الثانية ، والخارج منها في الجانبين خارج عن حدود سمعه ، وقد تنطق الطير أو سائر الحيوان دون صوت ، وإنما بإشارات تلغرافية أو الرادار كما نراها من النمل وسائر الحيوان ، فلا يختص المنطق بما له صوت ، بل يعمه مسموعا لنا وسواه ، ام رمزا لا يسمع ، والنطق هو إبراز ما في الباطن بآلة ظاهرة لسانا وسواه ، و (عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ) تعم مثلث النطق. اجل وللطير منطق كما لكل حيوان حيث الكل امم كما نحن : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) (٦ : ٣٨).
ذلك! لضرورة التفاهم بينها لإدارة الشئون الحيوية لها ، وليس للإنسان التعرّف إلى منطقها مهما حاول وزاول ، لأنه من الأسرار الربانية يعلّمها من يشاء!.
وحين يعلّم سليمان منطق الطير ويؤتى من كل شيء فباحرى الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) والأئمة من آله الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين ، أحرى بهم ان يعلّموا منطق الطير ويؤتوا من كل شيء (١) فإنهم أئمة
__________________
(١) نور الثقلين ٤ : ٧٧ في الخرائج والجرائح قال بدر مولى الرضا (عليه السلام) ان إسحاق بن عمار دخل على موسى (عليه السلام) فجلس عنده واستأذن عليه رجل من ـ